السؤال
أصلي الفجر في المسجد، فقيل لي إنهم في هذا المسجد يصلون عند الفجر الكاذب، وقد نصحني بعض الإخوة بالصلاة مع الجماعة وإعادتها بعد ذلك عملا بفتوى الشيخ الألباني، فهل هذا الفعل جائز؟ وجزاكم الله خيرا.
أصلي الفجر في المسجد، فقيل لي إنهم في هذا المسجد يصلون عند الفجر الكاذب، وقد نصحني بعض الإخوة بالصلاة مع الجماعة وإعادتها بعد ذلك عملا بفتوى الشيخ الألباني، فهل هذا الفعل جائز؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤال مشابه بالفتوى رقم: 207610، وبين فيها أن العبرة بالعلامات لا التقاويم المجهولة، لكن يمكن الاستئناس بها، ويمكن الاعتماد على التقاويم التي قام بها الثقات.
وأما فتوى العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ فلم نطلع عليها، ولكن جاء في السلسلة الصحيحة له ـ رحمه الله: واعلم أنه لا منافاة بين وصفه صلى الله عليه وسلم لضوء الفجر الصادق بالأحمر ووصفه تعالى إياه بقوله: الخيط الأبيض ـ لأن المراد ـ والله أعلم ـ بياض مشوب بحمرة، أو تارة يكون أبيض، وتارة يكون أحمر، يختلف ذلك باختلاف الفصول والمطالع، وقد رأيت ذلك بنفسي مرارا من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان، ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة، أي قبل الفجر الكاذب أيضا، وكثيرا ما سمعت إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة قبل وقتها في شهر رمضان.
وإن كان ما ذكره الشيخ من الخطأ في التوقيت، لا يلزم أنه في جميع البلاد، ولا أنه بنفس الدرجة، ولكن بخصوص كونك من بلاد المغرب، فأنقل لك فتوى بعض علمائها من باب الفائدة والمزيد من الاطلاع على ما قد أثير في مسألة الخطإ في وقت الأذان: جاء في كتاب بيان الفجر الصادق، للشيخ محمد تقي الدين الهلالي: فيقول أفقر العباد إلى رحمة الكبير المتعالي محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي: قضيت شبابي وكهولتي وبعض شيخوختي في الشرق، ولما رجعت إلى المغرب ... سنة 1379 اكتشفت بما لا مزيد عليه من البحث والتدقيق والمشاهدة المتكررة من صحاح البصر وأنا معه لأني كنت في ذلك الوقت أبصر الفجر بدون التباس أن التوقيت المغربي لأذان الصبح لا يتفق مع التوقيت الشرعي، وذلك أن المؤذن يؤذن قبل تبين الفجر تبينا شرعيا، فأذانه في ذلك الوقت لا يحل صلاة الصبح ولا يحرم طعاما على الصائم، وصرت أفتي بذلك وأعمل به إلى يومنا هذا، وفي رمضان من هذه السنة سنة 1394 حدث تشويش عند إخواننا السلفيين وسببه أن بعض الإخوان من أهل الوعظ والإرشاد زار المغرب في رمضان، فزعم قوم ممن رافقوه أنه شاهد الفجر الشرعي مطابقا للتوقيت المغربي، وحدثني الثقة أنه وجد بين الفجر الشرعي المشاهد بالعيان وبين التوقيت المغربي وكان في الفضاء خارج المدينة ـ 13ـ دقيقة أو ـ 15ـ دقيقة ـ شك هو نفسه ـ فهذا الخبر متناقض عن شخص واحد، فإن كان ما حدثوا به عنه صحيحا من مطابقة تبين الفجر الشرعي للتوقيت المغربي فهو خطأ عند كل من يعرف الفجر الشرعي وله بصر يبصر به، ولا يخفى أن أهل البلاد التي يكثر فيها الغيم والضباب لا يعرفون الفجر، وكذلك الذين لم يعنوا من أهل الصحراء وأراد معرفة الفجر الشرعي فلا بد له من أمرين:
أحدهما أن يدرس الأحاديث النبوية التي تفرق بين الفجر الكاذب والفجر الصادق وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين.
الثاني: أن يكون ممن اعتاد رؤية الفجر لكونه مؤذنا، أو لكثرة أسفاره في البراري، ولبيان الأمر الأول، أشرع في تأليف هذا الكتاب وأسميه: بيان الفجر الصادق...
قال في آخره: وأوسط الأقوال الذي نفتي به ونعمل به أخذا من هذه الأحاديث كلها: أن الفجر الصادق الذي يحرم الطعام على الصائم ويحل الصلاة هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفجر الأحمر أي: الذي يشوب بياضه حمرة المعترض في الأفق، الذي يملأ البيوت والطرقات ولا يختلف فيه أحد من الناس، يشترك في معرفته جميع الناس، وأما غير ذلك كالفجر الذي يعينه المؤقت المغربي فإنه باطل لا يحرم طعاما على الصائم ولا يحل صلاة الصبح ونحن نتأخر بعده أكثر من نصف ساعة حتى يتبين الفجر الصادق، فهذا الذي ندين الله به.
قال محقق هذه الرسالة: أبو الفضل عمر بن مسعود الحدوشي: لقد خرجت إلى البادية لأتأكد من صحة ما قال الدكتور فتأكدت، وأقسم عليها غير حانث أن معظم المغاربة لا يصلون صلاة الصبح في وقتها الشرعي، فاخرج وتأكد.
وقد قدم للكتاب الشيخ أبو أويس محمد بو خبزة الحسني رئيس جمعية الإمام أبي القاسم الشاطبي في ذي القعدة 18ـ1422هـ ، ولا ندري ما الحال بعدها؟.
وقد نشرت مجلة الأزهر قديما بحثا للشيخ محمد علي الكليب تناول فيه سبب خطأ التقاويم في حساب ميقات الفجر، وقال الشيخ ابن عثيمين: وقد حدثني أناس كثيرون ممن يعيشون في البر وليس حولهم أنوار أنهم لا يشاهدون الفجر إلا بعد هذا التقويم بثلث ساعة أي: عشرين دقيقة، أو ربع ساعة أحيانا.
وقال الشيخ أيضا: فإذا كنت في بر، وليس حولك أنوار تمنع الرؤية ولا قتر، فإذا رأيت البياض ممتدا من الشمال إلى الجنوب فقد طلع الفجر، ودخل وقت الصلاة، أما قبل أن يتبين فلا تصل الفجر.
وجاء في رسالة القول القويم في الصلاة حسب التقويم لأبي بكر أحمد العدوي عن دراسة قام بها بعض اللجان في مصر بتكليف من شيخ الأزهر وقتها ـ جاد الحق رحمه الله: وقد أسفرت هذه الدراسات والتجارب على مدى عامين عن أن الفجر الصادق يكون قبل شروق الشمس بحوالي:64 دقيقة ـ في أسوان والمناطق المحيطة بها أما في باقي أنحاء الجمهورية: فإن الفجر الصادق يكون قبل شروق الشمس بحوالي:57 دقيقة.
وهذه الدراسة نشرتها جريدة اللواء الإسلامي في 19جمادى الآخرة 1409هـ الموافق 29ـ 12ـ 1988.
فحاول الاحتياط، ولو ثلث ساعة، كما ذكر العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ وأما بخصوص: الصلاة مع الجماعة وإعادتها بعد ذلك ـ فالأصل عدم جواز إعادة الصلاة، إلا في حالات مخصوصة، وراجع الفتوى رقم: 16396.
فإذا كنت في شك من عدم صحة الصلاة، لكونهم يصلون قبل أن يطلع الفجر الصادق، فلا تصل معهم إلا إن خشيت أن تتهم، فصل بنية النافلة، وصل الفريضة بعدها وحدك، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم، فصل، فإنها لك نافلة. رواه مسلم.
والله أعلم.