شروط اعتبار الدار دار كفر أو إسلام

0 629

السؤال

نفع الله بعلمكم وزادنا علما وورعا: السفر إلى بلاد الكفر لغير حاجة محرم، فكيف يكون الحكم على البلاد بأنها كافرة؟ فهل على غالبية السكان؟ أم النظام المطبق فيها؟ فعلى حد علمي هناك دول معظم سكانها مسلمون لكنها تتبنى النهج العلماني، أو حرية الأديان وما إلى ذلك. فما هو الحكم بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سئلت اللجنة الدائمة: ما الشروط الواجب توفرها في بلد حتى تكون دار حرب أو دار كفر؟

فأجابت: كل بلاد أو ديار يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ويحكمون رعيتها بشريعة الإسلام، وتستطيع فيها الرعية أن تقوم بما أوجبته الشريعة الإسلامية عليها، فهي دار إسلام، فعلى المسلمين فيها أن يطيعوا حكامها في المعروف، وأن ينصحوا لهم، وأن يكونوا عونا لهم على إقامة شؤون الدولة، ودعمها بما أوتوا من قوة علمية وعملية، ولهم أن يعيشوا فيها وألا يتحولوا عنها إلا إلى ولاية إسلامية، تكون حالتهم فيها أحسن وأفضل، وذلك كالمدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وإقامة الدولة الإسلامية فيها، وكمكة بعد الفتح، فإنها صارت بالفتح وتولي المسلمين أمرها دار إسلام بعد أن كانت دار حرب تجب الهجرة منها على من فيها من المسلمين القادرين عليها، وكل بلاد أو ديار لا يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ولا يحكمون في الرعية بحكم الإسلام، ولا يقوى المسلم فيها على القيام بما وجب عليه من شعائر الإسلام، فهي دار كفر، وذلك مثل مكة المكرمة قبل الفتح، فإنها كانت دار كفر، وكذا البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام، ويحكم ذوو السلطان فيها بغير ما أنزل الله، ولا يقوى المسلمون فيها على إقامة شعائر دينهم، فيجب عليهم أن يهاجروا منها، فرارا بدينهم من الفتن إلى ديار يحكم فيها بالإسلام، ويستطيعون أن يقوموا فيها بما وجب عليهم شرعا، ومن عجز عن الهجرة منها من الرجال والنساء والولدان فهو معذور، وعلى المسلمين في الديار الأخرى أن ينقذوه من ديار الكفر إلى بلاد الإسلام، قال الله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ـ  وقال تعالى: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ـ أما من قوي من أهلها على إقامة شعائر دينه فيها، وتمكن من إقامة الحجة على الحكام وذوي السلطان، وأن يصلح من أمرهم، ويعدل من سيرتهم، فيشرع له البقاء بين أظهرهم، لما يرجى من إقامته بينهم من البلاغ والإصلاح، مع سلامته من الفتن. اهـ.

وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بماذا تصير بلد الإسلام دار حرب، وهل الدول التي تحكم بالقانون الوضعي دار إسلام أم دار حرب، وما هو إظهار الدين في بلد الكفر؟

فأجاب بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، دار الإسلام لا يمكن أن تكون دار حرب، إلا أن تكون حربا على أعداء الله، ودار الإسلام هي التي تعلن فيها شعائر الإسلام، كالأذان وصلاة الجماعة وصلاة الجمعة وما أشبه ذلك، ويكون أهلها ينتمون إلى الإسلام مطبقون لشرائعه، وأما الحكم بغير ما أنزل الله عز وجل: فهذا قد يؤدي إلى الكفر، وقد يؤدي إلى ما دون الكفر، كما ذكر الله في سورة المائدة: الكافرون، والظالمون، والفاسقون ـ حسب ما تقتضيه حال هذا الذي حكم بغير ما أنزل الله، وإذا قدر أنه وصل إلى درجة الكفر فإنه لا يغير دار الإسلام ما دام أهلها مسلمون كارهين لما عليه هذا الحاكم، وأما إظهار الدين في دار الكفر: فدار الكفر إذا كان الإنسان لا يستطيع إظهار دينه فيها فإنه يجب عليه الهجرة منها، وإن كان يستطيع فإنه ينبغي أن يخرج منها، لأن بقاءه فيها على خطر، فإذا كان في بلد الكفر يصلي ويتصدق ويقيم الجماعة والجمعة ولا أحد يمنعه من ذلك، فهذا قادر على إظهار دينه، لكن مع ذلك لا نحب له أن يبقى في دار الكفر. اهـ.

وراجعي للفائدة الفتوى: 163023.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى