السؤال
أنا في مدينة إدمنتون بكندا، عندنا في شهر يونيو وأيام من مايو ويوليو يطول النهار جدا، وبعد غروب الشمس يغيب الشفق الأحمر ويبقى ضوء أبيض في السماء، وبذلك لا تكون هناك علامة على طلوع الفجر، لأن الضوء لا يذهب أصلا ليطلع، وفي بعض الأيام بعد غياب الشفق الأحمر تبقى كدرة صفراء إلى بنية في السماء مع الضوء الأبيض، والسؤال هو: عند انعدام علامة الفجر، فهل نقدر الفجر والعشاء؟ أم نقدر الفجر فقط ونصلي العشاء وقت علامته؟ وكيف يكون التقدير في أي من الحالتين إذا قسنا على أقرب مدينة تتمايز فيها العلامات؟ وهل هناك طرق مختلفة للتقدير محل خلاف سائغ؟ وإذا كنا نقيس بالنسب كأن نعرف مثلا أن العشاء في البلدة القريبة يدخل وقته نصف الليل فنجعله نصف الليل عندنا أيضا، أقول في هذه الحالة كيف نحسب الليل أصلا وليس عندنا علامة على الفجر؟ وجزاكم الله خيرا وغفر لنا ولكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت العشاء، طالما أن الشفق الأحمر ـ وهو وقت دخول العشاء عند مالك، والشافعي، وأحمد، وصاحبي أبي حنيفة ـ يشاهد، فالواجب اعتماده، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل.
ولا يجوز العدول إلى التقدير.
وإنما الذي يقدر له الفجر، وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ ما نصه: محل إقامتي في شمال كندا، والحمد لله عندنا جامع، ومواظبين على فرائض الله وسنة رسوله، والآن أطلب الإفادة عن صيام شهر رمضان المبارك، لأن رمضان القادم علينا تكون الأيام عندنا طويلة إلى حد الغاية، لأنه تشرق علينا الشمس 20 ساعة من 24 في النهار والليل، والقرآن يقول: كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الأسود من الفجر ـ لكن الخيط الأبيض لم يزل، بل إنه يبقى إلى جهة الشمال، والشمس تغيب من الشمال وتطلع من الشمال، وتغيب عنا 4 ساعات لا غير، ولكن يبقى بهجة الضوء في نصف الليل ـ يعني ضوء قليل، ونطلب الإفادة كيف يكون صيامنا؟ فأجاب: إن على أهل تلك الجهة أن يقدروا حصة الفجر تقديرا، أخذا من حديث الدجال: أن أول أيامه كسنة، فسئل عن الصلاة فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم أقدروا لها قدرها، قلنا يارسول الله فذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له ـ رواه مسلم في صحيحه، فقياسا على هذا تقدر حصة الفجر آخر الليل، وحصة العشاء أول الليل تقديرا فتجعل نصف ساعة قبل طلوع الشمس هي حصة الفجر التي يجب الإمساك عندها أي قبل طلوع الشمس بنصف ساعة يحرم الأكل والشرب على الصائم ـ والله أعلم ـ وقد قال الفقهاء بنحو ذلك في البلاد القطبية التي يكون ليلها ونهارها شهورا، قال الفقهاء: أنهم يقدرون أوقات الصلاة والصيام تقديرا، والله أعلم، قال ذلك علماء مكة المكرمة. انتهى.
وأما اختلاف طرق التقدير: فيقول الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في رسالة مواقيت الصلاة: أما إذا كان المكان لا يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول كلها فإنه يحدد لأوقات الصلاة بقدرها، لما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال الذي يكون في آخر الزمان فسألوه عن لبثه في الأرض، فقال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قالوا: يا رسول الله فذلك اليوم كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره، فإذا ثبت أن المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار يقدر له قدره فماذا نقدره؟ يري بعض العلماء، أنه يقدر بالزمن المعتدل، فيقدر الليل باثنتي عشرة ساعة وكذلك النهار، لأنه لما تعذر اعتبار هذا المكان بنفسه اعتبر بالمكان المتوسط، كالمستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز، ويرى آخرون أنه يقدر بأقرب البلاد إلى هذا المكان مما يحدث فيه ليل ونهار في أثناء العام، لأنه لما تعذر اعتباره بنفسه اعتبر بأقرب الأماكن شبها به وهو أقرب البلاد إليه التي يتخللها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة وهذا القول أرجح، لأنه أقوى تعليلا وأقرب إلى الواقع، والله أعلم.
وهذا وإن كان في بالبلاد التي يتصل فيها النهار أو الليل، فإنه مفيد كذلك في مسألتك، فيكون التقدير بأقرب بلد، كما يمكن الاعتماد على التقاويم الموثوق بها، وراجع الفتوى رقم: 138764.
وأما قولك: كيف نحسب الليل، وليس عندنا علامة الفجر، فيمكن أن تحسب من المغرب إلى الشروق، في البلدين، ثم تحسب نسبة حصة الفجر ـ من الفجر إلى الشروق ـ في البلد المعلومة، وتقيس بلدك بمثلها، مثال: أقرب بلد: المغرب 6م الفجر 5ص، الشروق 6ص :إذن نسبة وقت الفجر =1ـ 12 كندا: المغرب 5م ، الفجر ؟ الشروق 5ص: إذن حصة الفجر إلى الشروق=1ـ 12 *12ـ ما بين العشاء إلى الفجرـ1إذن حصة الفجر ساعة واحدة ، إذن ، أول وقت الفجر الساعة 4ص.
والله أعلم.