السؤال
صديقي كان بحاجة إلى شراء بطاقة طائرة عبر الأنترنت، ولتنفيذ ذلك فهو بحاجة إلى بطاقة مصرفية ـ فيزا كارد، أو ماستر كارد، أو غيرها ـ قمت بالنيابة عنه بشراء بطاقة السفر باسمه من بطاقتي المصرفية، لأنه لا يمتلك واحدة، والمشكلة أن البنك الذي أصدر بطاقتي المصرفية يتعامل باليورو، لأنه بنك أوروبي بينما شركة الطيران تتعامل بالريال السعودي، وبالتالي دفعت مبلغا باليورو لشراء بطاقة سعرها... ريال سعودي دون أن أقوم أنا مباشرة بتحويل العملة ولا أعرف أين تم ذلك؟ وهل قام البنك بتحويل اليورو إلى ريال سعودي؟ أم قامت شركة الطيران باستلام المبلغ باليورو؟ فقام صديقي في نفس اليوم بإعطائي ثمن البطاقة... بالريال السعودي كما هو مدون على موقع شركة الطيران، في حين أنني دفعت مبلغا... باليورو، وفي المحصلة فقد خسرت نتيجة تحويل العملة والعمولة التي كما يبدو أخذها البنك، فلم أخبر صديقي بالخسارة وهو ليس لديه علم بموضوع اليورو وما إلى ذلك، هذه الخسارة صغيرة ولست أرى داع لإخبار صديقي بها، وسؤالي هو: هل ما حصل حرام من الناحية الشرعية؟ وهل علي رد المبلغ بالريال السعودي ومطالبة صديقي بأن يعطيني المبلغ باليورو؟ والإشكالية هي أنني في كلا الحالتين لن أستفيد شيئا، وبالتالي لا أرى صورة للربا في الموضوع، ولكن إذا قام صديقي برد المبلغ باليورو، فإنه سيخسر، لأنه سيقوم بتحويل مبلغ من الريال السعودي أكبر من ثمن بطاقة الطائرة لتغطية ما دفعته أنا من العملية في المجمل، ولذلك قد يتحول إلى ربا، لأن ذلك جلب خسارة له، وإن لم تجلب لي ربحا، وجزاكم الله خيرا عنا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواز التعامل بالبطاقات الائتمانية أصلا يشترط فيه ألا يشتمل على تعاقد ربوي، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 6309، 19728، 126547.
وإذا كان الشخص لا يملك هذه البطاقة ويريد استعمال بطاقة شخص آخر، فإذا كانت البطاقة الائتمانية جائزة شرعا فلا حرج في ذلك، أما إن كانت غير جائزة فلا يجوز له ذلك، لأن فيه إقرارا للمنكر وتعاونا عليه، وانظر في ذلك الفتويين رقم: 105376، ورقم: 118438.
وأما بالنسبة لخصوص سؤالك، فحاصله أنك دفعت ثمن التذكرة لصديقك عن طريق بطاقتك، وهذا يعتبر إقراضا منك له بقدر المبلغ المدفوع من البطاقة وهو باليورو، فيكون لك أن تطالبه به كذلك، ولك أن تقبل منه السداد بعملة أخرى كالريال، بشرط أن يكون ذلك بسعر يوم السداد، كما في حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة.
فإذا كان ما دفعه صاحبك أقل من سعر الصرف يوم السداد ـ كما هو المتبادر من السؤال ـ فلا حرج عليك في ذلك، ولا يلزمك أن ترده، لأنه لا حرج على الدائن في أن يأخذ بعض حقه ويبرئ المدين من الباقي، فلو كان لشخص على آخر مبلغ بعملة معينة، وجاء حين قضائه فاتفق الطرفان على قضائه بعملة أخرى فلا بأس بذلك إذا كان الصرف بسعر يومه، وعندئذ فلا بأس على الدائن في أن يتنازل عن بعض حقه ويأخذ من المدين أقل مما يجب عليه، بخلاف ما إذا دفع المدين أكثر مما يجب عليه، فهذا لا يجوز، وقد ضرب الشيخ ابن عثيمين لهذا مثلا، فقال: إذا كانت 2000 دولار تساوي الآن 2800 جنيه، لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه، ولكن يجوز أن تأخذ 2800جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000 دولار فقط، يعني أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل، أي لا تأخذ أكثر، لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذا ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به. اهـ.
وهذا الذي ذكره الشيخ العثيمين هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: جوز ـ يعني ابن تيمية ـ أخذ قدر حقه أو دونه، لأنه استيفاء، وهذا من دقيق فقهه رضي الله عنه. اهـ.
والله أعلم.