حفظ حقوق الطبع لا يقتصر على الكتب المعاصرة

0 250

السؤال

هل كتاب مجموع الفتاوى لابن تيمية - رحمه الله - فيه عناوين في الأصل أم لا؟ فالكتاب نشر مؤخرا، ويبدو أن إحدى دور النشر التي نشرته عدلت العناوين أو أضافت فيها - لا أدري بالتحديد- ونص الكتاب متوفر على الإنترنت، ومعلوم جيدا أن نص الكتاب ليس له حقوق طبع محفوظة - من جهة الأصل على الأقل - فالكتاب ليس جديدا, ويحتمل أن النسخة التي أقرأ منها فيها عناوين من العناوين التي نشرتها دور النشر هذه - وأقول يحتمل - لأن إحدى النسخ الأخرى هي هكذا فعلا, ولا أدري عن تلك النسخة، فقد تكون منقولة من تلك التي أخذت العناوين من الكتاب المطبوع الجديد, فما حكم الانتفاع بالكتاب إذا ظننت - أو خفت - أن تكون العناوين مأخوذة من أي مكان حقوق الطبع فيه محفوظة؟ -العناوين فقط هي التي قد تكون محفوظة الحقوق - وما حكم استعمال الكتاب؟ وهل يجوز – مثلا - النظر في المحتوى وإعادة وضع العناوين - مع مراعاة أن يكون ذلك بعلم لا بجهل - ونشر تلك العناوين لعل أحدا ينتفع بالكتاب وبالعناوين، علما أن العناوين الجديدة قد تكون متأثرة بالعناوين القديمة من جهة المعنى أو اللفظ كذلك, فهل لتلك العناوين حقوق؟ وما حكم استعمال نص الكتاب والعناوين معه؟ وما حكم الانتفاع بالعناوين في اختيار الفصول التي أريد قراءتها؟ وتوجد أيضا كتب أخرى لابن تيمية, وبعضها فيه عناوين أيضا, فإذا حرم الانتفاع بالعناوين في مجموع الفتاوى، فهل يأتي التحريم أيضا على باقي الكتب دون دليل منفصل؟ وهل يلزمني البحث للتحقق أن هذه العناوين ليست مأخذوة من كتاب منشور له حقوق محفوظة للطبع؟ فأنا لا أريد طلب العلم عبر قراءة كتاب يحرم علي قراءته، وهل يعد هذا دليلا أن نية من يقدم على ذلك باطلة؟ فأحيانا أشعر أني أود لو أحضرت كتابا من الكتب المتوفرة على الإنترنت عبر التصوير - وهذا لا يجوز على القول القائل بالتحريم - ولكني أمتنع عن ذلك مخافة الإثم, فهل الوقوع في مثل ذلك دليل على بطلان النية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبداية: ننبه على أن حفظ حقوق الطبع لا يقتصر على الكتب المعاصرة، فطباعة المخطوطات القديمة ونشرها له أيضا حقوق، ويزداد الأمر وضوحا بالجهد الذي يبذل في خدمة المخطوط من تخريج نصوصه، وشرح غريبه، وترجمة أعلامه، وصنع فهارسه العلمية، ونحو ذلك.
وأما مسألة العناوين المثبتة في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية المطبوعة، سواء في فهرس الكتاب أو في هوامشه الجانبية في بعض الطبعات، فليست من عمل شيخ الإسلام كما هو واضح، وإنما هي من عمل جامع الفتاوى أو ناشرها، بحسب الطبعة.
وأما حكم الانتفاع بنسخة إلكترونية من هذا الكتاب أو غيره، بمجرد المطالعة والقراءة من الموقع الذي يملك حق عرضه، فلا حرج فيه.

وأما نسخه والاحتفاظ بنسخة منه، فهذا يكون بحسب شرط الموقع، فإن كانوا يأذنون بذلك فلا إشكال، وإلا فهذا الحق محفوظ لهم، فلا يجوز نسخه إلا بإذنهم.

لكن إذا احتاج المرء إلى النسخ لعدم وجود النسخة الأصلية، أو عجزه عن شرائها، جاز له نسخه للانتفاع الشخصي فقط في قول بعض أهل العلم، بشرط ألا يتخذ ذلك وسيلة للتكسب، مع الاقتصار على قدر الحاجة, وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6080، 133276، 147571، 61658، 113599.

وأما وضع عناوين جديدة لمحتوى الكتاب ونشرها لينتفع بها الناس، فلا بأس بذلك، حتى لو تأثر بالعناوين القديمة؛ فإن كل جهد علمي للإنسان يكون متأثرا بمطالعاته السابقة.
وأما مسألة البحث والتحقق من كون عناوين الكتاب ليست مأخذوة من كتاب منشور له حقوق محفوظة للطبع: فهذا لا يلزم، والأصل في المسلم السلامة، والتكلف في مثل هذه الأمور فيه تضييق ظاهر، وحصر الطبعات وتتبعها ليس بالأمر اليسير.
وأما قراءة الكتب المحفوظة الحقوق دون إذن أصحابها، فلا يلزم منه فساد النية في طلب العلم، وإن كان قد يدل على ضعف الورع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات