السؤال
رجل يقدم على الذنب اتكالا على التوبة بعده، وإذا قيل له قد تموت، أو قد لا توفق للتوبة لا يبالي، ويقول سأتوب ـ إن شاء الله ـ بل إنه يقول سأشرك بالله وأتوب، فهل هذا الرجل على خطر؟ وما الحكم؟ وفيم يكمن علاجه؟.
رجل يقدم على الذنب اتكالا على التوبة بعده، وإذا قيل له قد تموت، أو قد لا توفق للتوبة لا يبالي، ويقول سأتوب ـ إن شاء الله ـ بل إنه يقول سأشرك بالله وأتوب، فهل هذا الرجل على خطر؟ وما الحكم؟ وفيم يكمن علاجه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم من يذنب، وهو ينوي أن يتوب بعده في الفتوى رقم: 46873.
ولا شك أن مثل هذا الرجل على خطر، نسأل الله للجميع التوبة، ويظهر من حال السائل أنه مبتلى بشيء من الوساوس، فإن كان كذلك، فنحذره من الاسترسال معها، فإنه خطر جسيم على دين العبد ودنياه، وراجع الفتوى رقم: 3086.
واعلم أن قوله: سأشرك بالله، ثم أتوب ـ كفر، لأن العزم على الكفر في المستقبل كفر في الحال، وراجع الفتوى رقم: 45186.
إلا أن يكون موسوسا، لم يحصل منه العزم على الكفر أصلا، وراجع الفتويين رقم: 79113، ورقم: 138465.
وأما علاجه: فبين له أن دعواه سأتوب ـ إن شاء الله ـ ليس رجاء محمودا، وإنما هو تمن سيئ، وقد توعد الله أصحاب الأماني: فقال تعالى: ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير * ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون {الحديد:14ـ16}.
قال ابن كثير: قال بعض السلف: أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات: وتربصتم ـ أي: أخرتم التوبة من وقت إلى وقت، وقال قتادة: وتربصتم ـ بالحق وأهله: وارتبتم ـ أي: بالبعث بعد الموت: وغرتكم الأماني ـ أي: قلتم: سيغفر لنا، وقيل: غرتكم الدنيا: حتى جاء أمر الله ـ أي: ما زلتم في هذا حتى جاء الموت: وغركم بالله الغرور ـ أي: الشيطان، قال قتادة: كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار. انتهى.
وحذره من الغرور بالدنيا، فإنها سبب التفريط، وذكره قول الله تعالى: وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون {الأحقاف:33ـ 35}.
وتراجع للفائدة الفتوى رقم: 188365.
والله أعلم.