السؤال
ما حكم قراءة القصص الخيالية التي تشتمل على سحر؟ مثل قصة ساندريلا الشهيرة، فالقصة فيها ساحرة حولت اليقطينة إلى عربة، والفئران إلى أحصنة، ومن هذا القبيل, فما حكم مشاهدة أو سماع مثل هذه القصص مع عدم التصديق؟ وهل لا تقبل الصلاة أربعين يوما عند مشاهدتها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن مثل هذه القصص فيها تهوين لشأن السحر، وإظهار له على أنه أمر طيب فيه خير, ويعين على الخير، وأنه قد تكون الغاية منه سامية، وعاقبته حميدة, ولا شك أن هذا يتصادم مع عقيدة المسلم، وقد قال تعالى: ولا يفلح الساحرون {يونس:77}، وقال: إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى {طه:69}. ولم يكن السحر يوما حميدا ولا الساحر حميدا؛ قال تعالى: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر. إلى أن قال: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون {البقرة:102}.
كما أن فيها إيحاء للمشاهد بأن السحرة يمكنهم تحويل الأعيان وتبديلها من عين إلى عين، كتحويل الإنسان إلى حيوان أو جماد، أو العكس، وغير ذلك، بل قد يترسخ فيه ذلك وينشأ عليه، لا سيما الصغار, بينما هذا ليس في قدرة أحد من المخلوقات، لا الإنس, ولا الجن، ليس ذلك إلا للخالق جل وعلا.
قال ابن عثيمين - رحمه الله -: فلا أحد يوجد إلا الله عز وجل، ولا أحد يبدل عينا إلى عين، إلا الله عز وجل, وما قيل: إنه خلق - بالنسبة للمخلوق - فهو عبارة عن تحويل شيء من صفة إلى صفة؛ فالخشبة مثلا بدلا من أن كانت في الشجرة، تحول بالنجارة إلى باب، فتحويلها إلى باب يسمى خلقا، لكنه ليس الخلق الذي يختص به الخالق، وهو الإيجاد من العدم، أو تبديل العين من عين إلى أخرى. اهـ.
فما كان من القصص، والأفلام، والمسلسلات فيه من الرسائل والدعوات ما قد يؤثر في عقيدة المسلم ولو لوقت، تحرم مشاهدته، ما لم يكن القارئ أو المشاهد متحصنا بالعلم الكافي الذي يدفع به الشبهات, وراجعي الفتوى رقم: 124131.
أما ما كان فيها مجرد قصص خيالية أسطورية ليس فيها دعوة، أو رسالة تعارض العقيدة السليمة والقيم الحميدة، كحيوان يتكلم، أو مخلوقات خيالية، أو نحو ذلك، فقد بينا حكمه في الفتاوى رقم: 113856، ورقم: 119127، ورقم: 46491، فراجعيها هناك.
أما كون من شاهدها لا تقبل منه الصلاة أربعين يوما، فهذا غير صحيح، فإن الوعيد إنما كان فيمن أتى عرافا، ومثله الساحر، لا فيمن قرأ قصصهم أو استمع إليها, كما في صحيح مسلم: من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
والله أعلم.