أسرار تفضيل الله للعباد بعضهم على بعض

0 351

السؤال

أحدث نفسي وأقول لماذا فضل الله السلف الصالح وكان هذا سيدا من أهل الجنة وغير ذلك؟ وأقول أين نصيبي في الدنيا والآخرة؟ مللت من هذا التفكير وتعبت حقا وقد أثر على نفسي في أيام المذاكرة، أرجو أن يتسع صدرك لما أقول، ولا أريد ردا قاصرا، لأنني لا أعرف أين الخلل؟ ولا أجد الدواء لهذا الداء، أريد الهداية ومنع تلك الأفكار التي تراودني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فيزول الإشكال الذي تجده ـ إن شاء الله تعالى ـ بأن تعلم أولا أن الملك لله تعالى يتصرف فيه كيف يشاء، فيفضل من عباده من شاء سبحانه وتعالى، ولا يسأل عن فعله، لماذا فضلت هذا على هذا؟ قال تعالى: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {الأنبياء: 23}.

وقال تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون  {القصص: 68}.

قال القرطبي: والمعنى: وربك يخلق ما يشاء من خلقه ويختار منهم من يشاء لطاعته. اهـ.

وتفضيله سبحانه وتعالى تابع لعلمه وحكمته, قال ابن جرير في تفسيره: وربك يا محمد يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار للهداية والإيمان والعمل الصالح من خلقه ما هو في سابق علمه أنه خيرتهم، نظير ما كان من هؤلاء المشركين لآلهتهم خيار أموالهم، فكذلك اختياري لنفسي، واجتبائي لولايتي، واصطفائي لخدمتي وطاعتي، خيار مملكتي وخلقي. اهــ.

فتبين من هذا أن الله تعالى يفضل من يشاء من عباده لعلمه بما في قلوبهم من الخير والحرص عليه وكونهم أفضل خلقه وخيارهم, وحتى الأنبياء فضل الله بعضهم على بعض، كما قال تعالى: ولقد فضلنا بعض النبيين... { الإسراء: 55}.

وقد جاء في مسند أحمد  عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ. اهــ.

فإذا فهمت هذا، فإن الله تعالى تفضل على الصالحين من سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأخذ بأيديهم وهداهم هداية التوفيق وفضلهم لما علم من حالهم، وهذا فضله تعالى, وأما غيرهم ممن لم يفعل الله بهم ذلك، فإنهم ليس لهم الحق في الاعتراض ما دام الله هداهم هداية الدلالة والإرشاد ومكنهم منها, وإذا لم تفهم هذا، فيكفيك أن توقن بأن الله تعالى ليس بظلام للعبيد وأنه عليم بمن يستحق الهداية، حكيم في أفعاله لا يفعل شيئا بغير حكمة.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة