مسائل في التدبر بالقراءة في الصلاة

0 265

السؤال

عند تلاوتي لسورة الفاتحة وأنا في الصلاة مثلا عند قولي: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم.
فإنني في عقلي أفكر وأضع صورة للذين أنعم الله عليهم من الناس الذين أحسبهم أصحاب خلق رفيع، ودين صحيح من جيراننا
يعني أن يهديني الله مثل طريقتهم، وهذا وأنا في الصلاة أفكر يعني هل أقول السورة بدون التفكير في هكذا معاني أم أقولها على المعنى العام بأن يهديني الله طريق الصالحين؛ لأنني كثيرا ما أفعل، ثم أرجع أتحير وأقول لربما تفكيري بهذا الشخص أن يهديني الله مثله خاطئ، فأجعل في عقلي مثلا من الصحابة أي كأنها يارب اهدنا الصراط المستقيم كما أنعمت على الصحابي أبي بكر رضي الله عنه بأن هديته [ في عقلي هكذا ].

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تدبر المصلي لما يقرأه مطلوب شرعا.

قال أبو عمر ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: ويتدبر كلامه، فإن التدبر هو المقصود من القراءة، ..... وينبغي للتالي أن يستوضح من كل آية ما يليق بها، ويتفهم ذلك، فإذا تلا قوله تعالى: { خلق السموات والأرض } [ الأنعام : 1 ] فليعلم عظمته، ويتلمح قدرته في كل ما يراه. وإذا تلا : { أفرأيتم ما تمنون } [ الواقعة : 58 ] فليتفكر في نطفة متشابهة الأجزاء، كيف تنقسم إلى لحم وعظم، وعرق وعصب، وأشكال مختلفة من رأس ويد، ورجل، ثم إلى ما ظهر فيها من الصفات الشريفة كالسمع، والبصر، والعقل، وغير ذلك، فيتأمل هذه العجائب . وإذا تلا أحوال المكذبين فليستشعر الخوف من السطوة إن غفل عن امتثال الأمر. انتهى.

وعن أبي هريرة  قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، استخلف سباع بن عرفطة الغفاري، فقدمنا فشهدنا معه صلاة الصبح، فقرأ في أول ركعة: {كهيعص} وفي الثانية: {ويل للمطففين} فقلت في نفسي: ويل لأبي فلان له مكيلان يستوفي بواحد، ويبخس بآخر، فأتينا سباع بن عرفطة فجهزنا، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح بيوم أو بعده بيوم ؟. رواه الحاكم، وصححه الألباني.

ولا حرج عند تدبرالآية في ما ذكرت من استحضار سيرة قوم معينين من الذين تحسبهم من الصالحين، وسؤال لله  أن يهديك  مثل عملهم وسيرتهم الصالحة، وإن كان الأولى استحضار سيرة  السلف.

 قال الطبري:  عن ابن عباس: "صراط الذين أنعمت عليهم" يقول: طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة، والنبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، الذين أطاعوك وعبدوك . ...عن ربيع: "صراط الذين أنعمت عليهم"، قال: النبيون . قال ابن عباس: "أنعمت عليهم " قال: المؤمنين . قال وكيع: "أنعمت عليهم"، المسلمين. انتهى بتصرف .

وجاء في التفسير القيم: وقال زيد بن أسلم: الذين أنعم الله عليهم هم: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر.

وإذا كنت تتدبر الآية وأنت في الصلاة فينبغي التنبه الى عدم الاسترسال فيه وإنما يكون ذلك في موضعه.

قال الغزالي في الإحياء:  وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام، فإنه لو بقي في تدبر آية وقد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئا مثل من يشتغل بالتعجب من كلمة واحدة ممن يناجيه عن فهم بقية كلامه، وكذلك إن كان في تسبيح الركوع وهو متفكر في آية قرأها إمامه، فهذا وسواس؛ فقد روي عن عامر بن عبد قيس أنه قال: الوسواس يعتريني في الصلاة. فقيل: في أمر الدنيا؟ فقال: لأن تختلف في الأسنة أحب إلي من ذلك، ولكن يشتغل قلبي بموقفي بين يدي ربي عز وجل، وأني كيف أنصرف. فعد ذلك وسواسا وهو كذلك، فإنه يشغله عن فهم ما هو فيه، والشيطان لا يقدر على مثله إلا بأن يشغله بمهم ديني ولكن يمنعه به عن الأفضل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات