تهاف القول بتحريم كل المعاملات التي تجريها المصارف الإسلامية

0 290

السؤال

هل نعاقب اليوم - كمسلمين نسعى لاتباع الكتاب والسنة بكل إخلاص وحسن نية - على الربا؛ إذ التعاملات الربوية سائدة ومنتشرة بشكل واسع بحيث أصبح من المستحيل تجنبها، سواء كان الربا يتم بوضوح, كالحاصل في البنوك العلمانية - الغير إسلامية - أو بشكل خفي أو محدود, كالتي في البنوك المسماة بالإسلامية بصيغة أخرى، ولو لم توجد لدينا خيارات من حولنا لتفادي الربا في التعاملات البنكية, وثبت أن البنوك المسماة بالإسلامية تتعامل بالربا, والبنوك العلمانية العالمية هي المهيمنة، فهل سنكون مذنبين أم مرحومين مغفورا لنا من الله عز وجل؛ لقوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله سبحانه أن يثبتنا وإياك على التمسك بدينه, وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن, يقول الله عز وجل: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون {المائدة:100}
ومن المعلوم أن معصية الربا ليست بالأمر الهين، فقد تواترت النصوص في بيان عظم ذنب الربا, قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ‏ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ‏ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (البقرة:278 ، 279) ‏
وأي ضرر أعظم على المرء من أن يكون في موقف من أعلن عليه الحرب من الله؟ فلا قبل لأحد بحرب الله,‏ وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات, قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل مال اليتيم, وأكل الربا, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. متفق عليه.

وقد لعن الله المرابين والمتعاونين معهم، قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه, وقال: هم سواء. رواه مسلم.

والمسلم مطالب باتباع الشرع في كل أموره، بفعل أوامره واجتناب نواهيه، قال الله عز وجل: فاتقوا الله ما استطعتم{التغابن:16} وقال صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه, وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. متفق عليه.  فيجب على المسلم اجتناب أكل الربا, بل والإعانة على أكله بأي نوع من أنواع الإعانة ما لم يكن مضطرا حقيقة, فحينئذ يباح له منه ما يرفع به الضرورة, قال تعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام:119}، علما أن القول بتحريم كل المعاملات التي تجريها المصارف الإسلامية غير دقيق, فلا يصح إطلاق القول بتحريم معاملاتها في جميع الحالات دون استثناء, بل الأصل أن تحمل على الصحة ما لم يثبت عكسها, وفي حال ثبتت حرمة معاملة ما فلا يحكم بتأثيم من أقدم عليها في حال تحقق الضرورة المبيحة للتعامل بالربا فيها، وقد سبق بيان حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا في الفتوى: 6501، والفتوى: 22567، وراجع بشأن البنوك الإسلامية الفتاوى: 8114، 3347، 18373، وانظر أيضا الفتوى: 18312.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات