السؤال
لقد اتفقت مع شخص بأن أستأجر أرضا زراعية منه, ثم أني اتفقت معه على الذي سأزرعه فيها, ثم تبين بعد ذلك أنه مستأجر تلك الأرض من أخته - المالكة الأصلية - مقابل ثمن, وأنه يستأجرها منها كل سنة - ربما لأنها لا تعلم ميدان الفلاحة - وكان يزرعها سنة قمحا, وسنة طماطم, وسنة بطيخا – أي: يداول زراعتها – ولم أكن أعلم في البداية الحكم الشرعي للمسألة، فظننت أنه يجب موافقة المالك الأصلي، فاقترحت عليه أن نذهب ونعلم المالكة الأصلية، فلم يرد ذلك، ربما لأنه يعلم أنها لن ترضى؛ لأن أخته - حسب قول جاره - استأجرت له الأرض بثمن فيه معاملة له لأنه أخاها, وعندما اطلعت الآن على الفتوى رقم: 152453 بعنوان: "شروط جواز تأجير العين المستأجرة بدون علم المؤجر" أصبح لي - في حد علمي - أن أجزم بأنه يجوز, فهل يجوز لي أن أستأجر الأرض منه دون علم المالكة الأصلية؟ علما أن الفتوى: "152453 " تنطبق على المؤجر, وليس علي أنا؛ لأني لا أعلم مضمون العقد بينهما, وعلما أني لا أستطيع الوصول لأخته, وأني اتفقت معه على الذي سأزرعه فيها, وأني لا أعلم شروط الكراء بينه هو وأخته, وعلما أنه ضمن لي بأنه لن تقع أية مشكلة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا - كما علمت - أنه يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة بدون علم المؤجر بشروط منها: أن يكون ذلك في زمن العقد، وأن يؤجرها لمن ينتفع بها بمثل منفعته، أو دونها في الضرر، واشترط البعض أن لا يكون المؤجر اشترط على المستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه دون غيره، جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ويجوز للمستأجر إجارة العين لمن يقوم مقامه بمثل الأجرة وزيادة، وهو ظاهر مذهب أحمد والشافعي. هـ.
وفي القواعد الفقهية لابن رجب: إجارة المستأجر جائزة على المذهب الصحيح بمثل الأجرة وأكثر وأقل. هـ.
وجاء في كشاف القناع: (وتصح إجارة مستأجر) العين المؤجرة (لمن يقوم مقامه) في استيفاء النفع (أو) لمن (دونه في الضرر)؛ لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه, (ولا يجوز) للمستأجر أن يؤجرها (لمن هو أكثر ضررا منه)؛ لأنه لا يستحقه، (ولا) إجارتها (لمن يخالف ضرره ضرره) لما مر. انتهى.
وعليه؛ فإذا توفرت تلك الشروط فلا حرج عليك أن تستأجر الأرض من مستأجرها, ولا يلزمك الرجوع للمالك الأصلي, وإذا كان هنالك مخالفة من صاحبك دون علمك فالإثم عليه لا عليك.
والله أعلم.