السؤال
ما هو حكم الشرع في رجل مسلم تزوج امرأة أروبية نصرانية عن طريق القبول والإيجاب. أي أن الرجل سأل المرأة هل تقبليني زوجا والمرأة أجابت نعم أقبل. وطلبا من الله سبحانه وتعالى أن يكون شاهدا على هذا الزواج. علما أن هذا الزواج سري لأسباب شخصية. فهل يقبل هذا الزواج في الشرع. فإذا كانت الإجابة بنعم. فكيف يكون الطلاق في هذا الزواج.
هل تعتبر المرأة زوجة شرعية لها جميع حقوق الزواج و الميراث أم لا.
بارك الله في جميع العاملين على هذا الموقع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقعت في خطأ كبير، وهو الإقدام على فعل شيء له خطورته دون معرفة حكمه الشرعي، فيجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل أولا، بالندم عليه والعزم على عدم العودة إليه.
والنكاح الذي تم بالصورة المذكورة في السؤال فاسد، لأن الزواج له أركانه وشروطه التي لا يتم إلا بها، وقد ذكرناها مفصلة في الفتوى رقم: 17340 ، والفتوى رقم: 18153 .
وسترى أن هذا النكاح الذي أقدمت عليه غير صحيح، ولكن الفقهاء رحمهم الله قد نصوا على أن النكاح الفاسد المختلف فيه بعد الدخول تترتب عليه آثار النكاح الصحيح، والنكاح بدون ولي ولا شهود مختلف فيه، كما نقل ذلك صاحب نهاية المحتاج من الشافعية، عن داود الظاهري فقال شارحا لكلام النووي : وكذا كل جهة أباح بها عالم يعتد بخلافه لشبهة إباحته، وإن لم يقلده الفاعل، كنكاح بلا شهود على الصحيح، كمذهب مالك على ما اشتهر عنه، لكن المعروف عن مذهبه اعتبارها في صحة الدخول حيث لم يقع وقت العقد، أو بلا ولي كمذهب أبي حنيفة، أو بلا ولي وشهود كما نقل عن داود . انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف فيه كنكاح المتعة والشغار والتحليل والنكاح بلا ولي وشهود.
وقال صاحب كشاف القناع: ما معناه: أن من تزوج بلا ولي ولا شهود فإن وطأه بذلك وطء شبهة يلحق به الولد ويتوارث معه، ولكن يستحقان العقوبة على مثل هذا العقد.
وقال شيخ الإسلام: ممثلا للأنكحة المختلف فيها اختلافا شاذا لا يعتبر: كمن وطئ في نكاح المتعة أو نكاح المرأة نفسها بلا ولي ولا شهود، فإن هذا إذا وطئ فيه يعتقده نكاحا لحقه فيه النسب.
وقال رحمه الله في موضع آخر: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان بإتفاق المسلمين؛ وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر بإتفاق المسلمين.
وبناء على ماذكره شيخ الإسلام، فإنه يثبت بهذا النكاح النسب والعدة بالخلوة أو بالموت.
كما يثبت بهذا النكاح أيضا الميراث إذا حصل الموت قبل الفسخ، بناء على ما ذكره المواق في التاج والإكليل إذ قال: وتقع فيه الموارثة قبل الفسخ. انتهى
يعني النكاح المختلف فيه، ما لم يكن هناك مانع من الإرث كاختلاف الدين.. كما في مسألتنا هذه.
وتقع الفرقة في هذا النكاح بأن يطلق الزوج، فإن أبى فرق بينهما الحاكم، لأنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد فاحتيج في التفريق فيه إلى إيقاع فرقة، كالصحيح المختلف فيه، ولأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه هو الصحيح، ونكاح الآخر فاسد.
وإننا لننصح السائل بعدم التساهل في هذه الأمور وأمثالها ونقول له: إن كنت تطمع في إسلام هذه المرأة، وكانت على درجة من حسن الخلق والعفة فلك أن تعيد هذا العقد مستكملا لكل شروطه وأركانه، أما إن كانت سيئة الخلق أو غير عفيفة، فلا تقبل على الزواج بها، وفارقها على الصورة التي سبق بيانها.
والله أعلم.