السؤال
بارك الله في جهودكم القيمة, هل يجوز بيع الحيوان بثمن وزن ما ينتج عنه من لحم؟ كأن يشتري بقرة مثلا بثمن ما ينتج عنها من لحم بعد ذبحها, على أن سعر الكيلوجرام من اللحم متفق عليه بين المتبايعين بثمن معين, كعشرين مثلا, وما هو تكييف هذه المسألة الفقهية من كتب المذاهب؟ خصوصا من الكتب الشافعية, ونريد ذلك بشيء من التفصيل, ثم لو فرضنا صحة هذه المعاملة, فما حكم استعمالها في شراء الأضحية؟ وهذه المسألة صارت عندنا ذات أهمية, وكثر فيها الخلاف؛ وإذا اشترينا الحيوان بهذه الكيفية المذكورة, فمن يكون المالك عندما تذبح الأضحية؟ هل المالك البائع أم المشتري؟ وإذا هلك الحيوان قبل الذبح فمن يضمن؟ لأن البيع إنما يتم بكله بعد الذبح - جزاكم الله خير الجزاء, وزادكم الله علما -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لصحة عقد البيع أن يكون الثمن معلوما محددا، فإذا بيعت الشاة أو غيرها بوزن لحمها بعد ذبحها, فإن البيع لا يصح؛ للجهالة في الثمن, وهذا متفق عليه بين الحنفية, والمالكية, والشافعية, والحنابلة, وهذه بعض نصوصهم في هذه المسألة: قال الكاساني الحنفي: في بدائع الصنائع: وجهالة الثمن تمنع صحة البيع.
وجاء في شرح درر الحكام: يلزم أن يكون الثمن معلوما والعلم بالثمن: (1) العلم بقدره (2) العلم بوصفه صراحة أو عرفا, وكل ذلك لازم لئلا يفسد البيع، فإن الجهل بالثمن مؤد إلى النزاع, فإذا كان الثمن مجهولا فالبيع فاسد.
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير, وهو من كتب المالكية: فلا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري, وإلا فسد البيع.
وقال أبو إسحق الشيرازي كما في المجموع, وهو من كتب الشافعية: ولا يجوز إلا بثمن معلوم القدر، فإن باع بثمن مجهول, كبيع السلعة برقمها, وبيع السلعة بما باع فلان سلعته, وهما لا يعلمان ذلك, فالبيع باطل؛ لأنه عوض فلم يجز مع الجهل بقدره, كالمسلم فيه.
وقال ابن قدامة المقدسي من الحنابلة في كتابه المغني : العلم بالثمن شرط لصحة البيع, فلا يثبت بدونه.
وذكر المرداوي الحنبلي في الإنصاف من شروط صحة البيع: أن يكون الثمن معلوما، يشترط معرفة الثمن حال العقد على الصحيح من المذهب, وعليه الأصحاب.
وبناء عليه؛ فإن البيع المذكور لا يصح, ولا عبرة بجريان عرف الناس بأمر فاسد مخالف للشرع.
والله أعلم.