السؤال
أنا طالب مبتعث وأعاني من نقص المادة بشكل فظيع، مع العلم أنه تصرف لي كل شهر مكافأة بحكم أنني طالب مبتعث، ولكنها لا تكفي أمور السكن والمواصلات... إلخ، ولا آكل في اليوم إلا شيئا بسيطا لدرجة لا تتخيلونها وأحس بالجوع وأصبر إلى اليوم الثاني حتى لا أطلب من أحد في آخر الشهر، فمن الممكن أن آكل عند الساعة 8 صباحا خبزة ونوتيلا ومعها مشروب، مع أنني أحس بالجوع وقت العصر والمغرب، فأشرب ماء اللبن وأتعب، ثم أنام، فهل آثم على فعلي، لأنني لم أعط نفسي حقها؟ مع العلم أنني لم أسأل إلا بعد أن رأيت أن شكلي قد تغير. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جسد الإنسان أمانة عنده، تجب عليه المحافظة عليه، والمسلم منهي عن كل ما يؤدي به إلى الضرر والهلاك، قال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما {النساء:29}.
قال السعدي: لا يقتل بعضكم بعضا، ولا يقتل الإنسان نفسه، ويدخل في ذلك الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وفعل الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك. اهـ.
فيدخل في معنى الآية ترك الشخص للطعام حتى يقع في الضرر والهلاك، بل إن صوم الدهر قد أرشد الشرع إلى تركه رعاية لحق الجسد، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا.... الحديث أخرجه الشيخان.
والقدر الواجب من تناول الطعام هو ما يحفظ به المرء نفسه من الضرر والهلاك، فإذا ترك المرء المستطيع هذا القدر من الطعام فهو آثم بذلك، قال ابن باز: قال سبحانه وتعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ـ أمر بالأكل والشرب، لما فيهما من حفظ الصحة والسلامة وقوام البنية، لأن ترك الأكل والشرب يفضي إلى الموت، وذلك لا يجوز، بل يجب الأكل والشرب بقدر ما يحفظ الصحة، ويكون الإنسان متوسطا في ذلك حتى يحفظ الصحة، وتستقيم حاله. اهـ.
فإذا تناولت ما تحفظ به جسدك من الهلاك فقد خرجت من الحرج والإثم، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 184041.
ونفيدك بأنه لا حرج عليك في الاقتراض، فإن طلب القرض ليس من مسألة الناس المذمومة المنهي عنها، قال ابن قدامة في المغني: وليس بمكروه في حق المقترض، قال أحمد: ليس القرض من المسألة، يعني ليس بمكروه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض, بدليل حديث أبي رافع, ولو كان مكروها, كان أبعد الناس منه، ولأنه إنما يأخذه بعوضه فأشبه الشراء بدين في ذمته. اهـ.
والله أعلم.