مسائل في إمامة الألثغ، وحكم من اقتدى به

0 267

السؤال

كنت أصلي أنا وأصدقائي خلف صديق لنا اخترناه إماما؛ وكان صديقنا هذا الذي اخترناه إماما، ألثغ، ويبدل حرف الراء وينطقه واوا، ولكننا لم نكن نعرف أن إمامة الألثغ لا تصح.
فهل تبطل صلاتنا مع جهلنا؟
وهل على صديقنا الذي كان إماما إثم لأنه أبطل صلاتنا جاهلا؟
وهل صلاة ذلك الإمام صحيحة، وصلاة المأمومين باطلة أم إن صلاة الإمام أيضا باطلة؟
وإذا كان المأمومون معي لا يأخذون بمذهب أن من وقع في أمر مبطل للصلاة جاهلا، فصلاته صحيحة، وأنا لا أذكرهم، وأعتقد أن هناك ناسا كانوا يصلون معنا لا أعرفهم أي أنني لن أستطيع أن أسألهم؟
كما أنني أبدل حرف الراء وأنطقه غينا (غ) و(وهو نفس الخلل في النطق عند صديقنا الذي كان إماما) حيث إنني أبدل الراء غينا، وهو يبدلها إلى واو حيث إنه لا تصح إمامة الألثغ إلا لمن هو مثله.
هل يجب أن أشترك مع الإمام في نفس الخلل أي مثلا إذا كان هو يبدل الراء إلى واو، وأنا أبدلها إلى غين؟ أو إذا لم نشترك في الحرف أو في الخطأ مثلا أنا أبدل الراء إلى غين وهو يبدل ال (س) إلى (ث) أو الصاد إلى ثاء؟
أريد معرفة الحد الذي تصح به إمامة الألثغ لمن هو مثله.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد اختلف العلماء في إمامة الألثغ لمن هو أفصح منه، والراجح عندنا أن الألثغ لا تصح إمامته إلا بمن هو مثله، وهو قول جمهور العلماء. وانظر الفتوى رقم: 219790 وما أحيل عليه فيها.
وعلى القول بعدم الصحة، فقد اختلف العلماء في العذر بالجهل. وانظر الفتويين: 102542 ،  123136 وما أحيل عليه فيهما.

والأحوط إعادة تلك الصلاة، إلا أن القول بالبطلان لا يستلزم الإثم، ومن ثم فلا إثم على إمامكم؛ حيث أبطل صلاتكم جهلا. وأما صلاته هو فتبطل كذلك إن لم يكن في المأمومين من يصلح ائتمامه به؛ لكونه قد نوى الإمامة بمن لا يصح أن يؤمه، فإن كان في المأمومين من هو مثله، فصلاته صحيحة؛ لأنه نوى الإمامة بمن يصح أن يأتم به.

ففي الفروع لابن مفلح : وكذا إن نوى إمامة من لا يصح أن لا يؤمه: كامرأة تؤم رجلا، لا تصح صلاة الإمام, في الأشهر, وكذا أمي قارئا. اهـ.

لكن إن كان الإمام جاهلا بالحكم. فهل يعذر بذلك، وتصح صلاته أم لا؟ فيه خلاف كما سبق. وعلى فرض أن المأمومين معك كانوا لا يرون العذر بالجهل في تلك المسألة، فإن أصل المسألة (وهو عدم صحة إمامة الألثغ لمن هو أفصح منه) مختلف فيه كما سبق، وإنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه، فعلى ذلك لا يلزمك سؤالهم لإعادة الصلاة، فضلا عن البحث عن أناس لا تعرفهم.
وأما إمامة الألثغ بمثله فاختلف العلماء في المراد بتلك المثلية هل هي في الحرف المعجوز عنه فقط أم في الإبدال أيضا؟ فالأول قول الشافعية، والثاني هو الظاهر عند الحنفية.

ففي حاشية ابن عابدينيحتمل أن يراد المثلية في مطلق اللثغ، فيصح اقتداء من يبدل الراء المهملة غينا معجمة بمن يبدلها لاما, وأن يراد مثلية في خصوص اللثغ, فلا يقتدي من يبدلها غينا إلا بمن يبدلها غينا, وهذا هو الظاهر كاختلاف العذر.
وفي حاشية الجمل: ( قوله بمثله ) أي في الحرف المعجوز عنه, وإن لم يكن مثله في الإبدال كما لو عجزا عن الراء, وأبدلها أحدهما غينا, والآخر لاما بخلاف عاجز عن راء بعاجز عن سين, وإن اتفقا في البدل؛ لأن أحدهما يحسن ما لا يحسنه صاحبه. اهـ.
وعموما فحيث إن الأمر قد وقع وانقضى، وحيث إننا لا نجد دليلا واضحا في المسألة فلا نلزمك بالإعادة، لكن ننصحك بمراعاة ذلك مستقبلا.
قال ابن عثيمين رحمه الله: كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة، أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل، يفرقون بين الشيء إذا وقع، وبين الشيء قبل وقوعه، فيقولون: قبل الوقوع نأخذ بالأحوط، وبعد الوقوع نأخذ بالأحوط أيضا، وهو عدم إفساد العبادة، أو عدم التغريم، أو ما أشبه ذلك. الشرح الممتع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة