السؤال
هل لغير المتمذهب أن يأخذ من الآراء الفقهية ما يتناسب مع مسألته، دون التقيد بمذهب واحد فقط عند ترجيح دليل الرأي الذي اختاره، ودون تتبع لرخص أو هوى نفس، وأن يعمل بما اختار من الآراء الفقهية دون الرجوع للفتوى، نظرا لبحثه وترجيح الدليل، ورأي قائله.
لدي مثال: الطلاق يقع عند الجمهور على كل الأحوال، وعند ابن تيمية لا يقع. فهل لو رجح عنده دليل ابن تيمية واتبعه، يقع في المحرم؟ وكذلك الطلاق المعلق واقع أيضا عند الجمهور، وعند ابن تيمية لا يقع إلا بنية القصد في الطلاق، وكذلك استقبال المرأة للعدة حتى يكون سنيا لا بدعيا، وعند ابن حزم الظاهري لا يعد شيئا، وكذلك الشيعة ومن وافقهم، وكما أفتت أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- فهل لو قوى عندي رأي ودليل ابن حزم وعملت به، أكون واقعا في المحرم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على من يعمل بقول عالم ثقة، ما دام مطمئنا إلى صحة قوله، وليس متبعا لهواه، أو متلقطا للرخص.
قال النووي –رحمه الله- في روضة الطالبين: ..والذي يقتضيه الدليل أنه ـ أي العامي ـ لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من يشاء، أو من اتفق، لكن من غير تلقط للرخص.
وقال الخطيب البغدادي –رحمه الله- في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل: فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقل أن يعقل، وإذا فهم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
والمسائل المذكورة في السؤال من مسائل الطلاق قد اختلف فيها أهل العلم، ونحن نفتي فيها بقول جمهور العلماء، ولا ننكر على من يأخذ بقول غيرهم من الأئمة المجتهدين، إلا أننا لا نرى تقليد ابن حزم –رحمه الله- في قوله بعدم وقوع الطلاق المعلق الذي يقصد به الطلاق؛ وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 178975، والفتوى رقم: 125064
والله أعلم.