السؤال
أنا متزوج منذ ست سنوات, وزوجتي طبيبة، وهي أنانية، ومفرطة كل التفريط في المنزل, فلا أكل, ولا تنظيف, ولا حنان, ولا مودة، مع أنني أعطيها كل حناني، فأنا أقوم بكل شيء في المنزل، وخارجه، وأنا الذي أعتني بابنتنا من كل الجوانب, وهي لا تخدمني قط، وإذا طلبت منها أن لا تفعل شيئا تغضب، ويخرج من فمها كلام فيه أذى لي ولأبوي وباقي أفراد عائلتي، وقد وصل بها الأمر إلى أن ترفع يدها علي، ولكني اتقيت الله ولم أضربها، وأنا الذي أنفق على البيت، لكنها هي التي قامت بشراء 80 بالمائة من أثاث، وغيره، ليس لأنني ماطلت في ذلك، بل لأنه لا يبقى من راتبي- وهو جيد – فلس واحد، ولا أستطيع شراء لباس لي إلا بعد أشهر من التوفير، وأبذل كل الجهد من أجل توفير حاجيات ابنتي، وعلي دين - ليس ربويا - شهري يساوي30 بالمائة من راتبي، ولزوجتي راتب أعلى من راتبي، لكنها لا تصرفه إلا في الكماليات - سيارات, وهواتف - وهي ترتب لزيارة فرنسا، وستقوم بدفع كل المصاريف التي تعادل ضعف راتبي، ولا أريد منعها من ذلك؛ لأنني لا أريد أن أضيق عليها، ولكنني أتحسر كثيرا، فأنا لا آخذ فلسا من راتبها، ولا أسألها عن طريقة إنفاقه، ومنذ زواجنا وأنا في الديون من أجل توفير البيت, ولا أنفق عليها لأنه لا يبقى لي ما أنفقه, والله ثم هي شاهدان على ذلك، مع أننا اتفقنا على أن نتعاون في كل شيء قبل الزواج، ولم تعني لأنني بنيت منزلي في عقار يدخل في الإرث - عائلتي - وأرادت أن نستأجر منزلا، وألا أبني هناك، والحمد لله أني لم أستأجر، فهل يجب علي أن أنفق عليها؟ مع التذكير أنني لا أوفر ملبسي وشرابي باستثناء حاجيات البيت، وأنها تصرف مالها، فإن كنت غير معذور فانصحوني في كيفية الوصول إلى نفقة عادلة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الشرع القوامة للزوج على زوجته، وأوجب عليها طاعته في المعروف، وقد ذكرنا النصوص الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 9623.
فإن ثبت ما ذكرت عن زوجتك من التعالي، وعدم الطاعة في المعروف: فهي امرأة ناشز، وقد أوضح الله في كتابه خطوات علاج النشوز، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 1103، وانظر الفتوى رقم: 161663، ففيها توضيح لحقيقة النشوز؛ فاجتهد في محاولة إصلاح زوجتك، فإن تمادت في نشوزها، فانظر في أمر طلاقها، فقد يكون الأصلح في حالة استحالت العشرة على الوجه الصحيح، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
ونود التنبيه إلى أن نفقة الزوجة على زوجها، ولو كانت غنية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 19453، والفتوى رقم: 33898 .
وينفق مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتر، ولا يكلف بما عجز عنه، ولا يعذر فيما أطاق، قال الله تعالى: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق:7}.
وما تكسب الزوجة من مال فهو حق خالص لها، ليس للزوج فيه نصيب، ولا يجب عليها أن تنفق منه في البيت، إلا بطيب نفس منها، وراجع الفتوى رقم: 9116 ، ولكن من حق الزوج أن يشترط على زوجته المساهمة -مثلا- في نفقة البيت بمبلغ معين من المال مقابل سماحه لها بالعمل، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 1357 ، فإن رضيت بالشرط وجب عليها الوفاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح.
وللزوجة الحق في أن تنفق من مالها في غير إسراف، أو مخيلة، فإن أسرفت فينبغي أن تنصح، وتذكر بالله تعالى، هذا مع العلم بأن الإسراف يختلف تقديره باختلاف أحوال الناس، وراجع الفتوى رقم: 17775.
وخدمة الزوجة في بيت زوجها واجبة بما جرى به العرف على الراجح من أقوال أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 136085 ومن أهل العلم من ذكر أن الزوجة إن كانت ممن يخدم مثلها وجب على الزوج أن يوفر لها خادما، وكلامهم في هذا مضمن في الفتوى رقم: 138123.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع زوج، أو محرم، ولا يجوز للزوج أن يسمح لزوجته بالسفر وحدها، بل يجب عليه منعها من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.