السؤال
أسأل الله أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم، ويأجركم عليه أجرا عظيما. العالم أجمع يعرف ما يحدث في سورية من أحداث - نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في أي مكان -. رجل عليه دين منذ حوالي أربع أو خمس سنوات، والدين مفتوح المدة باتفاق الطرفين، لكن الدين كان من فئة الليرة السورية، وكان يعادل حوالي ألفي دولار، أي مئة ألف ليرة سورية تقريبا، وإذا أردنا أن نحول المئة ألف ليرة سورية الآن إلى فئة الدولار فإن الأمر سيتطلب منا حوالي ضعفي المبلغ، أو أكثر، علما أن الرجل الذي له المال أعطى المبلغ بالدولار، وقال له المستدين: أريده من فئة الليرة السورية، ولا أريده بالدولار، فقال صاحب المال: أنا أعطيك الصلاحية في صرف هذا المبلغ، وتحويله لليرة السورية، وذهب الرجل في اليوم الثاني، وحوله لليرة السورية، واتصل بصاحب المال وقال له صرفت المبلغ بمائة ألف ليرة سورية، فقال: "إذن لي عليك هذا المبلغ" فهل يسدد الدين بحسب الدولار اليوم، أم بالليرة السورية؟ فنحن لا نريد أن يظلم أحدهما، ولم يتفقوا عند الدين على مثل هذه الأحوال، علما أن الأرقام ليست دقيقة، وإنما هي احتمالية فقط؛ لنعرف الحكم الشرعي في مثل هذه الأمور - حفظكم الله، ورعاكم، وجزاكم عنا خيرا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام التعاقد قد حصل على كون القرض بالليرة، لا بالدولار، والدائن إنما دفع الدولار للثاني على أنه وكيل في صرفه إلى الليرة، وقد صرفه وفق ما اتفق عليه، فيكون الدين بالليرة، وعلى المدين رد مثل المبلغ الذي تحصل عليه من الصرف، وهو مائة ألف ليرة، كما في المثال؛ لأن الأصل المتقرر عند الفقهاء أن القرض إن كان له مثل يرد بمثله، وهكذا العملات ترد بأمثالها، مهما تغيرت قوتها الشرائية، إلا إذا انقطعت من السوق، ولم يعد الناس يتعاملون بها، فعندئذ ترد بقيمتها يوم اجتماع استحقاقه، وانعدام العملة، وهو مذهب أكثر الفقهاء، والمفتى به عندنا في الشبكة الإسلامية، كما في الفتويين رقم: 6460، ورقم: 51112.
وإذا ما اتفقا حين سداد الدين المذكور على أن يكون بعملة الدولار: فلا حرج في ذلك، مع مراعاة ما يلي:
1ـ أن تكون العبرة بقيمة صرف العملة السورية في السوق بيوم السداد، لا بيوم القرض.
وعليه: فلا اعتبار لكون قيمة مبلغ الدين كانت تساوي ألفي دولار إذا كان الصرف قد اختلف، إذ لا ينظر إلى قيمة الدين يوم قبضه.
2ـ التقابض في مجلس العقد؛ لأن هذا من باب بيع الدين على من هو في ذمته، ومن شرط صحة الصرف أن يكون ناجزا، روى أحمد، وأصحاب السنن الأربعة من حديث ابن عمر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ بالدنانير، قال له صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها، ما لم تتفرقا وبينكما شيء. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 117302.
وننبه هنا على أن المدين لو أراد أن يحسن إلى من أقرضه عند السداد: فيعطيه أكثر من حقه، فلا حرج عليه، وذلك من حسن القضاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم أحسنكم قضاء. متفق عليه.
وأما مسألة الاستدانة إلى أجل غير مسمى: فقد بينا الحكم فيها في الفتوى رقم: 21408.
والله أعلم.