كيفية توبة العبد من الذنوب التي لا يتذكرها إذا كان فيها ظلم

0 213

السؤال

يفعل الأنسان الكثير من الأخطاء والذنوب في حياته دون أن ينتبه لها أو حتى يتذكرها فيما بعد ويتوب منها، فكيف يتوب الإنسان من ذنوب لا يعرف طبيعتها ولا يتذكرها وغير متأكد من فعله لها حتى، ويمكن أن يكون من ضمن تلك الأخطاء ما ظلم به غيره من الأشخاص؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالذي ينفع العبد في هذا المقام أن يتوب من ذنوبه توبة عامة، ينوي التوبة من جميع الذنوب ما علمه وما لم يعلمه، ما استحضره وما لم يستحضره، وتنفعه هذه التوبة فيغفر الله بها ذنوبه حتى ما لم يعلمه أو يستحضره منها إلا إن كان ثم معارض أرجح، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فمن تاب توبة عامة كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها، إلا أن يعارض هذا العام معارض يوجب التخصيص، مثل أن يكون بعض الذنوب لو استحضره لم يتب منه، لقوة إرادته إياه، أو لاعتقاده أنه حسن. اهـ

وقال أيضا رحمه الله: والناس في غالب أحوالهم لا يتوبون توبة عامة مع حاجتهم إلى ذلك، فإن التوبة واجبة على كل عبد في كل حال، لأنه دائما يظهر له ما فرط فيه من ترك مأمور، أو ما اعتدى فيه من فعل محظور، فعليه أن يتوب دائما. اهـ

وقال المحقق ابن القيم رحمه الله: المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقل أن تخطر هذه ببال التائب بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم، فإنه عاص بترك العلم والعمل، فالمعصية في حقه أشد، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم ـ فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب، ولا يعلمه العبد، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي، لا إله إلا أنت ـ وفي الحديث الآخر: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، خطأه وعمده، سره وعلانيته، أوله وآخره ـ فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه وما لم يعلمه. انتهى.

وإذا تبين هذا، فما كان من ظلم للعباد لم يعلم العبد به فيتحلل من ظلمه، فإن توبته العامة تنفعه في إسقاط حق الله تعالى وأما حق المخلوق فيرضيه الله تعالى بما شاء يوم القيامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات