السؤال
نحن شركة نعمل في التجارة, ولنا حساب في أحد البنوك الإسلامية في الأردن، ونود شراء باص للعمل من خلاله، لكننا لا نملك المبلغ الكافي ففكرنا في شرائه عن طريق المرابحة الإسلامية من البنك الذي نتعامل معه حسب الشروط والخطوات التالية:
1ـ سعر الباص 10000 دينار, يقوم البنك بتمويل 7000 منه والباقي ندفعه نقدا للمالك.
2ـ نقوم بدفع 3000 دينار للمالك، ويقوم البنك بدفع 7000 دينار له مقابل شراء الباص ويسجل الباص باسم البنك ويصبح مالكا وحيدا حقيقيا له.
3ـ يقوم البنك في نفس الجلسة ببيعنا الباص مقابل نسبة المرابحة المتفق عليها سلفا وهي 30% عن7000 دينار التي دفعها مقابل تقسيط المبلغ الكامل المستحق وهو 7000 ـ 2100 ـ نسبة 30% أرباحه من عملية البيع والشراء على 5 سنوات بأقساط شهرية ليصبح كامل المبلغ المقسط هو 9100 دينار.
4ـ هنا نقف على ملاحظة هامة جدا، وهي أن البنك يطالبنا بدفع رسوم نقل الملكية، ولا إشكالية في ذلك، لكنه يطالبنا بدفع نقل الملكية مرة واحدة فقط حيث إن الملكية تنقل مرة واحدة من مالك الباص الحقيقي لنا، ولكن هناك عقد جانبي تثبت ملكية البنك للباص في غضون هذه المرحلة ويقول البنك إن الباص خلال هذه الفترة الانتقالية يكون واقفا أمام البنك وبملكيته، وللدلالة على نقل الملكية الفعلية وأي شيء يحصل للباص من حادث أو غيره فإن من يتحمل المسؤولية عنه هو البنك نفسه.
5ـ حتى يضمن البنك حقوقه في التزامنا في تسديد القروض, فإنه يتعامل مع شركة خارجية تسمى الشركة الأردنية لكفالة القروض، وهذه الشركة تقوم بكفالة القروض بشروط بينها وبين البنك مقابل مبلغ مادي معين يستوفى مقدما يسمونه: بدل جهود ـ ويحدد بنسبة 3.5% من قيمة التمويل الأساس، ولذا يقوم البنك باستيفاء 3.5% من كامل مبلغ التمويل 7000 دينار منا مسبقا بقيمة 245 دينارا ويقوم بإيداعها في حساب الشركة الأردنية لكفالة القروض، وهي طرف ثالث حسب اتفاقيات بينهما حتى تضمن وتكفل هذه الشركة هذا القرض.
6ـ نقوم نحن برهن الباص للبنك في حال تعذر علينا الدفع فيحجز عليه ويستوفي حقه حسب حصص المرابحة المتفق عليها.
7ـ لا توجد هناك أي غرامات تأخير في الدفع أبدا, في حال لم نستطع دفع القسط الشهري أو في حال عدم دفعنا للأقساط خلال 5 سنوات المتفق عليها، فلا يحق للبنك القيام بزيادة نسبة الأقساط أو المبلغ أو وضع غرامة على الشركة، إنما يقوم بدوره بالحجز على الباص إلى حين تسديد كامل المبلغ كضمان أو أي إجراء قانوني يراه مناسبا كالطلب من الشركة الأردنية التي كفلت القرض بالتدخل ولا ندري حقيقة الإجراءات التي من الممكن أن يقوم بها في هذا الإطار لكن ما نضمنه هو عدم وضع نسبة غرامة أو مراباة أو زيادة على ما تم الاتفاق عليه وهو 9100 دينار من المرابحة في اللحظة الأولى، فهل هذا التمويل بهذه الآلية يعتبر جائزا من الناحية الشرعية؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن إجمال الجواب عن السؤال من خلال الكلام على الخطوات السابقة تباعا:
1 و2 ـ إن كان المقصود بما ذكرتم من دفعكم لجزء من الثمن أن البنك لا يشتري الباص كاملا، وإنما يشترى الحصة الباقية منه ـ70% ـ فقط، فإذا ملكها باعها عليكم مرابحة، فلا بأس بذلك، وأما لو كنتم تدفعون جزءا من الثمن للبائع ـ وهو3000 ـ نيابة عن البنك، فهذا لا يجوز لأمرين:
الأول: أنه يجب قطع كل علاقة بين العميل والبائع الأصلي إذا كان البنك سيشتري السلعة كاملة ويبيعها مرابحة على العميل، حتى لا تؤول العملية إلى قرض ربوي.
جاء في المعايير الشرعية ص109: يجب إلغاء أي ارتباط عقدي سابق بين العميل الآمر بالشراء والبائع الأصلي إن وجد، ويشترط أن تكون هذه الإقالة من الطرفين حقيقة وليست صورية، ولا يجوز تحويل العقد المبرم بين العميل والمصدر، إلى المؤسسة ـ أي البنك.
وجاء فيها ص: 123ـ مستند وجوب إلغاء أي ارتباط سابق بين العميل والمورد حتى لا تؤول المعاملة إلى مجرد قرض ربوي، لأن انتفاء العلاقة التعاقدية بينهما شرط لصحة تنفيذ المؤسسة عملية المرابحة للآمر بالشراء. انتهى.
الثاني: أنه لا يجوز دفع هذا المبلغ نيابة عن البنك، لأن حقيقة هذا أنه قرض من العميل للبنك، فيجتمع البيع مع شرط القرض، وهذا منهي عنه، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف.
وعليه؛ فإما أن تتم المرابحة على 70% مثلا من الباص، وتكونون شركاء للبنك بقدر ما دفعتم، وإما أن تنقطع العرى بينكم وبين البائع الأصلي تماما، ويدفع البنك من ماله الثمن كاملا للبائع الأصلي.
3 و4ـ وأما ما يتعلق بالتسجيل ونقل الملكية: فهذا من باب التوثيق الرسمي ولا يؤثر على صحة المعاملة مادام التعاقد صحيحا، فسواء انتقلت الملكية رسميا إلى البنك ثم إليكم أو إليكم مباشرة، فلا يؤثر ذلك ما دام البنك لم يعقد عقد البيع معكم على الحصة إلا بعد أن اشتراها وتملكها تملكا تاما ودخلت في ضمانه، ووقوع العقدين في نفس الجلسة لا حرج فيه ما دام البنك لا يبيع لكم إلا بعد تملكه، بحيث ينفصل الضمانان، ضمان البنك وضمان الآمر بالشراء.
5ـ وما تأخذه الأردنية لضمان القروض الظاهر أنه من باب التأمين على الدين، وقد بينا أنه إذا كان تعاونيا مباحا فلا حرج فيه من باب الاستيثاق على الدين، وأما إن كان التأمين تجاريا فلا يجوز الاشتراك فيه ولا الإقدام على معاملة التمويل إن اشترط فيها ذلك التأمين المحرم دون ضرورة، ولمعرفة كيفية التمييز بين التأمين التكافلي والتجاري انظر الفتوى رقم: 107270.
6 و7ـ وأما رهن الباص للبنك إلى حين تسديد بقية الأقساط: فهو جائز عند جماهير أهل العلم ونصت عليه المعايير الشرعية في البند رقم:5ـ 2 ـ من معيار المرابحة رقم: 8ـ كما بيناه ونقلناه في الفتوى رقم: 229201. وجاء قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجوازه، كما نقلناه في الفتوى رقم: 74899.
والله أعلم.