السؤال
هل يشترط في زكاة المال أن تعطى يدا بيد، أم يجوز إرسالها عبر البنك؟.
وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يشترط أن تسلم الزكاة لمستحقها باليد، ولا حرج في إرسالها عن طريق البنك, فإن وضعت في حساب مستحق الزكاة نفسه، فهذا قبض منه للزكاة, لأن وضع المال في الحساب يعتبر قبضا صحيحا, جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا: إذا أودع في حساب العميل مبلغا من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين فيمن قال: ادفعوا من حسابي مبلغ كذا لحساب فلان, قال: فهو قبض.
وإذا وضعت في حساب شخص آخر وكيل عن مستحق الزكاة، فهذا لا حرج فيه أيضا, جاء في الموسوعة الفقهية: قبض الوكيل بمنزلة قبض الموكل ولا فرق، ولا بد أن يكون كل من الوكيل والموكل أهلا للقبض.
وكذا لا حرج في إرسالها عن طريق البنك لشخص يتولى تفريقها على مستحقيها ما لم يترتب عليه تأخير فاحش في وصولها إلى مستحقيها, وأما التأخير اليسير لأيام معدودة: فلا نرى به بأسا, وقد أجاز جماعة تأخيرها لزمن يسير, كما قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: وقال جماعة: يجوز بزمن يسير، لأن الحاجة تدعو إليه ولا يفوت المقصود... اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: قال الشافعية والحنابلة: ويجوز التأخير لعذر, ومما ذكره الشافعية من الأعذار: أن يكون المال غائبا فيمهل إلى مضي زمن يمكن فيه إحضاره، وأن يكون بإخراجها أمر مهم ديني أو دنيوي، وأن ينتظر بإخراجها صالحا أو جارا. اهـ.
ولكن إذا كانت الزكاة سترسل إلى بلد آخر، فالأصل في الزكاة أنها توزع في بلد المال ولا تنقل إلى بلد آخر لا عن طريق البنك ولا عن طريق غيره إلا إذا وجدت مصلحة تقتضي ذلك كوجود من هم أشد حاجة من فقراء بلده على ما بيناه في الفتوى رقم: 162841.
ومن المهم أن ننبه إلى أن الأصل عدم جواز التعامل مع البنوك الربوية سواء في فتح حساب لديها أو في تحويل الأموال عن طريقها، لأن في التعامل معها تشجيعا لها وإعانة على بقائها وزيادة نشاطها، وكل ذلك يمنع منه الشرع ما لم يكن الشخص محتاجا إلى هذه الخدمة ولا يوجد بنك إسلامي يقوم بها, جاء في فتاوى الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن التحويل عن طريق البنوك الربوية: فإن أمكن التحويل عن طريق البنوك الإسلامية أو من طرق مباحة لم يجز التحويل عن طريق البنوك الربوية. اهـ.
والله أعلم.