السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
تأخير غسل عضو (الوجه) عند الاغتسال للجنابة، مع العلم أنني أغسل كل الأجزاء الأخرى، وأعمم الماء على جميع الجسد، وكذلك أفرك فروة الرأس، وأغسل الشعر جيدا، وأتأكد من سيلان الماء على كل جزء من الجسد، إلا الوجه، فإنني أتركه عمدا بدون ماء إلى أن أخرج من الحمام، وأجفف بالمنشفة كل الأعضاء التي غسلتها، وألبس ثيابا طاهرة، وبعد الخروج من الحمام أتوضأ وضوء صحيحا إن شاء الله. ويكون بالشكل التالي: النية بإكمال الاغتسال للجنابة، والوضوء، المضمضة، والاستنشاق وبعدها أغسل ما يشترط غسله ( الوجه الذي تركته سابقا ) واليدين. وأمسح ما يشترط مسحه: شعر الرأس، والأذنين، وأغسل قدمي مجددا، علما أنني أقوم بهذا لأنني بالتجربة أعتقد وأظن أن الماء الكثير على جزء من الوجه: المنطقة اليمنى من الجبهة، يسبب لي أذى، وضررا، وحساسية تؤذيني جدا؛ لذلك أترك غسل الوجه حتى أخرج من الحمام، وبعدها أتوضأ بالترتيب كما ذكرت سابقا، ولكنني أغسل هذه المنطقة المصابة بالجبهة باستخدام محرمة بيضاء، مبللة بالماء، وأحرص على تعميم الماء على الجزء المصاب، وسيلان الماء عليه باستخدام المحرمة المبللة، ولكن بدون استخدام ماء كثير، وبعدها أغسل باقي الوجه بشكل طبيعي باستخدام اليد، وأكمل باقي الوضوء، مع العلم أنني أستخدم محرمة نظيفة، وجديدة في كل وضوء وليست من النوع المعطر. وكذلك أشعر أن ملامسة يدي الخشنة لهذا الجزء، يسبب له حكة، وبالتالي تتهيج، وتصبح هناك حبوب. وأن استخدام المحرمة لتحريك الماء ألطف على المنطقة المصابة، وفي النهاية تكون المنطقة معممة بالماء.
والسؤال هو: هل غسولي، ووضوئي جائز؟
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم، وجعل الله هذا المجهود في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل تصرفك في الغسل على أمور: أحدها تفريق الغسل، وهو جائز كما بينا بالفتوى رقم: 14937.
والثاني: إخلال الترتيب، وهو جائز، كما بينا بالفتوى رقم:110790.
والثالث: أنك توضأت لإكمال رفع الحدث الأكبر؛ ولا بأس بذلك، بشرط ألا تنوي رفع الحدث الأصغر، دون الأكبر، كما بينا بالفتوى رقم: 128945.
والرابع: غسلك الوجه بالمحرمة؛ والذي فهمناه من سائر السؤال أنك تسيل الماء، ثم تدلكه بالمحرمة، ولا بأس بذلك؛ فالواجب هو إسالة الماء على جميع العضو، ولا يلزم أن تمسه بيدك، كما بينا بالفتوى رقم: 29701، ولكن لو كان الماء قليلا بحيث لم يسل على العضو كله، ثم عممته بالمحرمة؛ فذلك مسح لا غسل، ولا يصح معه الغسل؛ كما بينا بالفتوى رقم: 143221؛ إلا إذا كان هناك ضرر محقق من الغسل بالماء، فعندها يجوز المسح؛ كما بينا بالفتوى رقم: 144317.
يبقى أن هذه الصورة فيها نوع من التكلف؛ إذ الأولى في السنة تقديم الوضوء على الغسل لا تأخيره، فالأولى أن تقدم هذا الوضوء، فإن احتجت إلى تنشيف وجهك فلا بأس، ثم تكمل الغسل، وهذا أقرب إلى السنة، وراجع الفتوى رقم: 128234.
وأما تأخيره فجائز.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: وسواء قدم الوضوء كله أو بعضه، أو أخره، أو فعله في أثناء الغسل، فهو محصل سنة الغسل، ولكن الأفضل تقديمه، ولم يذكر الجمهور ماذا ينوي بهذا الوضوء: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح- رحمه الله-: لم أجد في مختصر، ولا مبسوط تعرضا لكيفية نية هذا الوضوء إلا لمحمد بن عقيل الشهرزوري فقال يتوضأ بنية الغسل. انتهى.
وكونك نويت إتمام الغسل، كاف.
جاء في الغرر البهية: قال الرافعي: ولا حاجة إلى إفراده (يعني الوضوء في أول الغسل) بنية؛ لأنه إن لم يكن عليه حدث أصغر أو كان، وقلنا باندراجه، وهو المذهب، لم يكن عبادة مستقلة، بل من كمال الغسل، وقضيته أنه يكفي فيه نية الغسل، كما تكفي في المضمضة والاستنشاق نية الوضوء، وبه صرح أبو خلف الطبري شارح المفتاح، وابن الرفعة. اهـ.
قال النووي في المجموع: ولا خلاف أنه لا يشرع وضوءان سواء كان جنبا محدثا، أم جنبا فقط. اهـ.
والله أعلم.