أحكام مخالفة المستأجر لشرط المؤجر ووقوع تلف سماوي

0 181

السؤال

استأجرت سيارة قريبتي لغرض قضاء احتياجات تجهيز مجموعة جهادية كنت أعمل على تأسيسها في سورية، وقدر الله أن يقع حادث أثناء قيادتي لها أدى إلى ارتطامها بسيارة أخرى، وعندها قامت قوات الأمن باعتقالي لأنني مطلوب لديهم وقاموا كذلك بحجز السيارة عندهم
واستمر اعتقالي سنة وأربعة أشهر، وعندما خرجت لم يعترف الأمن بالسيارة واضطررنا لدفع مبلغ 500 دولار كرشوة لأحد الضباط فقام بتسليمنا السيارة وكانت بحالة يرثى لها حيث قاموا بسرقة معظم تجهيزاتها وإتلاف الفرش بحجة البحث عن سلاح، وتكلفة إصلاح الأضرار الناجمة عن الحادث 500 دولار تقريبا، وتكلفة إصلاح الأضرار الناجمة عن الحجز 1300 دولار تقريبا، و200 دولار لإصلاح الفرش الممزق، وصاحبة السيارة تطالبني بكامل المبلغ 2000 دولار ، بالإضافة إلى 500 دولار رشوة استعادة السيارة.
ملاحظة:
1ـ قام صديقي بدفع مبلغ 300 دولار لصاحبة السيارة أثناء فترة اعتقالي كبدل إيجار عن ثلاثة أشهر في فترات متفاوتة ثم توقف عن الدفع.
2ـ يمكن أن يكون تمزيقهم للفرش مرده إلى التفتيش عن سلاح في السيارة بعد أن وجدوا معي مسدسا مخبأ تحت المقعد، وتحتج صاحبة السيارة بأنها اتفقت معي على أن لا أحمل سلاحا فيها.
فما الذي يجب علي دفعه من المبالغ المذكورة؟ وهل يخصم ما دفعه صديقي منها، علما بأنه كان الممول لهذه المجموعة؟ وهل يجب علي أساسا دفع إيجارات السيارة أثناء فترة اعتقالي، علما بأن صاحبة السيارة لم تطالب بذلك، ولكنها أخذت المبلغ من صاحبي على سبيل التعويض عما لحق بها من ضرر؟ كما أنني معسر ولا أملك ما أسد به رمقي ورمق عيالي ولا أعمل بسبب الأحداث، وقد فرغت وقتي لدفع العدو الصائل، ثم في حال وجب علي العوض، فهل ذلك كالدين الذي إن نويت سداده وفاه الله عني ولا يلزم موافقة صاحبه في جهاد الدفع؟.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن يد المستأجر يد أمانة لا يد ضمان، وبالتالي فلا يلزمه تعويض المؤجر عن التلف إلا إذا قصر أو تعدى، ومن جملة هذا التعدي مخالفة شرط صحيح شرطه المؤجر في العقد، فتصبح يد المستأجر عندئذ يد ضمان، جاء في الفتوى الثامنة من فتاوى الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل الكويتي ما نصه: إذا خالف ‏المستأجر شرطا معتبرا للمؤجر لا يتنافى مع مقتضى العقد، فإنه يعتبر معتديا، ‏ويضمن ما يصيب العين المؤجرة من أضرار

وفي المجموع للنووي: إن أكراه عينا وشرط عليه أن لا يسير بها في الليل أو وقت القائلة، أو لا يتأخر بها عن القافلة، أو لا يجعل سيره في آخرها؟ أو لا يسلك بها الطريق الفلانية وأشباه هذا مما له فيه غرض، فخالف، ضمن، لأنه متعد لشرط كرائه، فضمن ما تلف به، كما لو شرط عليه أن لا يحمل عليها إلا قفيزا فحمل قفيزين.

وقال الرحيباني في شرح غاية المنتهى لكرمي:.... فخالف ـ أي خالف المستأجر ما شرط عليه ـ ضمن، لمخالفته الشرط.

وفي شرح مختصر خليل للخرشي المالكي: وجاز للمستأجر أن يفعل المستأجر عليه بعينه أو ما هو مساو له أو دونه، ولا يفعل ما هو أضر منه وإن كان أقل قدرا.

وفي حاشية العدوي: فإن خالف، ضمن.

وحكم يد الضمان أنها تضمن كل شيء حتى الحادث السماوي الذي لا يد للمستأجر فيه، جاء في ‏الموسوعة الفقهية: تتغير صفة يد الأمين وتصبح يد ضمان بالتعدي، فإذا تلف الشيء بعد ذلك ضمنه، ‏مهما كان سبب التلف، ولو سماويا.‏ ‏

ولا ترجع يده من يد الضمان إلى يد أمانة إلا بإذن جديد من المؤجر، كما قال الموفق ابن قدامة في الكافي: وإن تلفت الدابة بعد عودها إلى المسافة، ضمنها، لأن يده صارت ضامنة، فلم يسقط عنه ذلك إلا بإذن جديد، ولم ‏يوجد.

وما دامت صاحبة السيارة قد اشترطت على المستأجر عدم حمل السلاح في السيارة كي لا تتعرض للمخاطر المعروفة من وراء ذلك، فمخالفته لهذا الشرط تجعل يده يد ضمان، وبالتالي يلزمه ضمان التلف الذي حصل للسيارة من الحادث وما كان بعده من الحجز، وهو كامل المبلغ الذي تطالب به صاحبة السيارة ـ 2000 دولار ـ إضافة إلى ال 500 دولار المدفوعة كرشوة إن كانت قد دفعت من مالها.

وأما بالنسبة للأجرة: فإنها تستحق أيضا عن الفترة كلها، لأن المستأجر إذا تعدى ضمن ـ كما سبق ـ قال في نهاية المحتاج: ولو اكترى قنا لعمل معلوم ولم يبين موضعه فذهب به من بلد العقد إلى آخر فأبق ضمنه مع الأجرة.

وعليه؛ فلصاحبة السيارة أجرة المثل عن تلك المدة كلها، لكن لو أسقطتها عن طيب نفس منها، فلا حرج، وعلى ذلك فيحسب المبلغ الذي دفعه صاحبك ـ 300 دولار ـ من تلك الأجرة، ويدفع إليها الباقي عند القدرة على ذلك ما لم تبرئك منه، وفي حال الإعسار وعدم القدرة على دفع هذا المبلغ، فالواجب على مستحقه أن ينظرك إلى ميسرة، كما قال تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون {البقرة:280}.

وعليك أن تنوي قضاءه متى تيسر لك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.

وراجع في حكم الجهاد لمن عليه دين لم يقضه، الفتاوى التالية أرقامها: 215665، 232096، 226498، 211165.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة