درجات إنكار المنكر والموازنة بين المصالح والمفاسد

0 188

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طالب أقطن في الحي الجامعي، وفي الغرفة المجاورة يقطن بعض الطلاب من ذوي الديانة المسيحية، ودائما ما يزعجونني بالعزف على الكيتار؛ لأنني لا أستمع للموسيقى. طلبت منهم من قبل أن يقللوا منه؛ لأنه يؤذيني، ولكن بدون جدوى.
فماذا أفعل فإني أخاف أن يشب بيننا شجار إن طلبت منهم ذلك من جديد وأبوا؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنكار المنكر شعيرة من شعائر الإسلام، تجري عليها كغيرها قواعد الشريعة، كاعتبار القدرة والعجز، فمن عجز عن تغيير المنكر بيده، فعل ذلك بلسانه، وإلا فبقلبه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ومن ذلك أيضا: مراعاة المآلات، والموازنة بين المصالح والمفاسد.

قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): إنكار المنكر أربع درجات: الأولى: أن يزول ويخلفه ضده. الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته. الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله. الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.

فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة. اهـ.
فلا يصح أن تسلك مع جيرانك هؤلاء سبيلا تحدث به مفاسد، مع بقاء المنكر كما هو.
والذي نظنه أنك إن تكلمت معهم بأسلوب مناسب، فإنهم سيراعون حالك، فإن رفع صوت المعازف، أو غيرها من الأصوات غير مقبول بحكم العقل، فضلا عن الشرع، في حي جامعي يحتاج فيه الطلاب إلى الهدوء لمذاكرتهم. ويمكنك أن تستعين في ذلك بالعقلاء ذوي الرأي من زملائك، أو بالمسؤولين عن هذا السكن الجامعي.

وأخيرا ننبه على أن الإثم بالنسبة للموسيقى إنما تتناول من قصد الاستماع إليها، وأما من سمع من غير قصد، وحاول صرف ذهنه عن السماع مع كراهة ذلك بقلبه، فلا إثم عليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 142457. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 72112.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة