الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول الله عز وجل: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا {النساء:103}.
أي: مفروضة لوقت بعينه، وقد توعد الله تعالى من يؤخر الصلاة عن وقتها لغير عذر شرعي، فقال: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون:4ـ5}.
أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها، وقد بينا الأعذار المبيحة للجمع في الفتوى رقم: 6846.
وهذا بخصوص الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، أما جمع ما زاد على ذلك، فلا يجوز، ولا نرى فيما ذكرت شيئا يعوقك عن أداء الصلوات في أوقاتها، وذلك لما يلي:
أولا: العرق الشديد ليس من أعذار الجمع، ولا يجيز إخراج الصلاة عن وقتها، وإنما يبيح ترك صلاة الجماعة إذا كان له رائحة كريهة يتأذى الآخرون بها، وانظر الفتوى رقم: 109499.
ثانيا: يجزئ الاستجمار بمسح الذكر على الجدار، جاء في الإنصاف: وقال المجد: يتوخى الاستجمار بجدار، أو موضع ناتئ من الأرض، أو حجر ضخم لا يحتاج إلى إمساكه، فإن اضطر إلى الحجارة الصغار جعل الحجر بين عقبيه، أو بين أصابعه، وتناول ذكره بشماله، فمسحه بها، فإن لم يمكنه أمسك الحجر بيمينه، ومسح بشماله على الصحيح من المذهب.
ولمزيد للفائدة عن أحكام الاستجمار راجع الفتوى رقم: 116482، وما أحيل عليه فيها.
ثالثا: إذا أمكنك حمل المياه اللازمة للوضوء معك لزمك ذلك، جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: لو خرج من بلده إلى أرض من أعماله لحاجة، كالحراثة، والاحتطاب، والاحتشاش، والصيد، ونحو ذلك حمل الماء على الصحيح من المذهب: نص عليه، وقيل: لا يحمله، فعلى المنصوص يتيمم إن فاتت حاجته برجوعه على الصحيح، وقيل: لا يجوز له التيمم، وعلى القول بالتيمم: لا يعيد على الصحيح من المذهب، يعيد لأنه كالمقيم، ومحل هذا إذا أمكنه حمله، أما إذا لم يمكنه حمله ولا الرجوع للوضوء إلا بتفويت حاجته فله التيمم ولا إعادة عليه على الصحيح من المذهب، وقيل: بلى ولو كانت حاجته في أرض قرية أخرى فلا إعادة عليه ولو كانت قريبة، قاله الزركشي، وغيره.
واعلم أن الفقهاء ذكروا أن الشخص لا يكون عادما للماء حقيقة إلا عندما يبذل ما في وسعه عرفا في سبيل تحصيله فيعجز عن ذلك، وانظر الفتويين رقم: 14885، ورقم: 177699.
فإن دخل عليك وقت الصلاة، وليس معك ماء، ولا يوجد بقربك ماء، فحينئذ يشرع لك التيمم، بأن تضرب الأرض ضربة، ثم تنفخ في يديك، ثم تمسح ظاهر كفيك، تمسح ظهر يمينك بشمالك، وظهر شمالك بيمينك، ثم تمسح وجهك، كما ثبت في الصحيحين من حديث عمار ـ رضي الله عنه ـ وهو أصح حديث في صفة التيمم، وانظر الفتوى رقم: 12499.
ولمزيد الفائدة عن أحكام التيمم راجع الفتوى رقم: 12699.
رابعا: بخصوص بقع الغائط التي تجدها في الثوب الداخلي: فيجب عليك غسله؛ لأن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 58453، 70665، 134219.
فإذا لم تتمكن من غسله، فيجب عليك خلعه، واستبداله بغيره، أو الاكتفاء أثناء الصلاة بالثوب الخارجي إن كان طاهرا، هذا مع تطهير الدبر من النجاسة، وإذا عجزت عن إزالة النجاسة من البدن، أو الملابس، ولم تجد ثوبا طاهرا تصلي فيه، فصل على حالك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 44652، مذاهب العلماء فيمن تنجست ملابسه ولم يجد غيرها ليصلي فيها.
خامسا: يجب عليك سؤال من تثق به عن جهة القبلة، فإن لم تجد من تثق به، وجب عليك الاجتهاد في معرفتها بالاستدلال عليها باتجاه حركة الشمس مثلا، وغير ذلك، وانظر للفائدة الفتويين رقم: 2009، ورقم: 153217.
وإذا اجتهدت وصليت، ثم تبين لك خطأ اجتهادك، فلا تلزمك إعادة الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 155849.
والله أعلم.