السؤال
حلف زوجي على دخول أحد المشايخ الجنة، وقال: "علي الطلاق وحرم ـ كلمة تعني تحرم علي زوجتي ـ سيدخل الشيخ فلان الجنة" فقلت له: "لا يمكنك أن تحلف بالطلاق على دخول شخص الجنة" ولكنه كرر حلفه بالطلاق، وقال لي: "إنك لا تعرفين شيئا" فهذا شخص حافظ لكتاب الله، علما بأنه قد حلف قبل ذلك مرتين في موضعين، وكان كاذبا فيهما، فما هو وضعي معه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يظن صدق نفسه فيما حلف عليه، فلم يقع طلاقه بهذه اليمين، لأن الراجح عندنا أن من حلف على شيء يظن صدقه لم يحنث، ولو كان الواقع بخلاف ما حلف عليه، أو لم يكن طريق لمعرفة الواقع، قال ابن تيمية - رحمه الله -:.. والصحيح أن من حلف على شيء يعتقده، كما لو حلف عليه، فتبين بخلافه فلا طلاق عليه، وأما مالك فإنه يحنث الجميع، ولو تبين صدق الحالف، بناء على أصله فيمن حلف على ما لا يعلم صحته، كما لو حلف أنه يدخل الجنة، والنزاع فيها كالنزاع في أصل تلك المسألة، وجمهور العلماء لا يوقعون الطلاق لأجل الشك، ومالك يوقعه؛ لعدم علم الحالف بما حلف عليه.
أما إذا كان زوجك قد حلف بالطلاق كاذبا أو شاكا في الأمر، فقد حنث في يمينه، وعليه أن يتوب إلى الله من الكذب، قال الدردير - رحمه الله ـ في كلامه على اليمين الغموس: بأن شك الحالف في المحلوف عليه، أو ظن ظنا غير قوي، وأولى إن تعمد الكذب.
وعلى المفتى به عندنا يقع طلاقه، ويقع ما قصده بالتحريم من الطلاق، أو الظهار، أو اليمين، وانظري الفتوى رقم: 135167.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن هذه اليمين لا يقع بها طلاق، ولا تلزم بها كفارة، قال - رحمه الله -: ومن حلف بالطلاق كاذبا يعلم كذب نفسه لا تطلق زوجته، ولا يلزمه كفارة يمين.
وننبه إلى أنه لا يجوز القطع لأحد من الناس بدخول الجنة أو النار، إلا من أخبر عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كالعشرة المبشرين بالجنة، ونحوهم، وانظري الفتوى رقم: 47610.
كما ننبه إلى أن الحلف المشروع يكون بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، فينبغي على الزوج اجتناب الحلف به.
والله أعلم.