لا تعارض بين وجوب إنكار المنكر وبين استحباب ترك ما لا يعني

0 661

السؤال

كيف نربط بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركته مالا يعنيه" وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالسفينة - الحديث المعروف: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم) - وبين مقولة: دع الخلق للخالق، فكيف نجمع بين هذه الأقوال الثلاثة ؟ وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا تعارض بين وجوب إنكار المنكر وبين استحباب ترك ما لا يعني, ومن وقع له الخلط في هذا، فإن سبب هذا الخلط هو الخطأ في فهم المراد بما لا يعني.

جاء في تحفة الأحوذي في شرح قوله: ما لا يعنيه: وحقيقة ما لا يعنيه ما لا يحتاج إليه في ضرورة دينه ودنياه، ولا ينفعه في مرضاة مولاه، بأن يكون عيشه بدونه ممكنا. اهــ .

ولا شك أن إنكار المنكر مما يعني الإنسان في دينه, وينفعه عند الله، وسبب لنيل مرضاته، ولا تطيب  حياة المسلم وهو يرى المنكرات تفشوا، ولا ينكرها؛ لأن المنكرات سبب لحلول العقاب في المجتمع. وفي الحديث: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه. رواه أحمد، وابن ماجه، وغيرهما.

فإنكار المنكر مما يعني المسلم من جهتين:

أولهما: أنه مأمور شرعا بإنكاره.

ثانيهما: أن حياته مهددة بالخطر وحلول العقاب إذا لم ينكره.

وحديث السفينة التي ذكرته من الأدلة الدالة على أن إنكار المنكر يعني الجميع من وقع فيها ومن لم يقع فيها.

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: هل ترك العبد ما لا يعنيه هو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

والجواب: لا، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يعني الإنسان، كما قال الله عز وجل: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (آل عمران: الآية104) فلو رأيت إنسانا على منكر، وقلت له: يا أخي، هذا منكر لا يجوز، فليس له الحق أن يقول: هذا لا يعنيك، ولو قاله لم يقبل منه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني الأمة الإسلامية كلها. اهــ .

وأما مقولة: (دع الخلق للخالق) فهي ليست قرآنا ولا سنة حتى يرد بها ما جاء الشرع به من إنكار المنكر, ويمكن حملها على معنى صحيح، وهو ترك حسابهم بعد أمرهم ونهيهم، كما قال تعالى: ما عليك من حسابهم من شيء {الأنعام:52 وكما في قوله تعالى عن نوح أنه قال: وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون {الشعراء: 112 , 113}.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة