السؤال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمل ماء قليلا جدا لغسل الجنابة، فما هي الطريقة التي كان يستعملها صلى الله عليه وسلم لكي يكفيه هذا الماء القليل؟.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمل ماء قليلا جدا لغسل الجنابة، فما هي الطريقة التي كان يستعملها صلى الله عليه وسلم لكي يكفيه هذا الماء القليل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد.
فقد كان هديه صلى الله عليه وسلم الاغتسال بالصاع، لكن إذا كان تعميم الماء على ظاهر الجسد لا يحصل إلا بالزيادة على الصاع، فلا بد من الإتيان بالواجب من غير إسراف, ولا مبالغة, ومن الطرق التي كان يستعملها النبي صلى الله عليه وسلم لأجل الاكتفاء بالقليل من الماء هي الدلك, وهو إمرار اليد مع صب الماء، وتوضيح ذلك جاء في شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله تعالى ـ حيث قال: وقد جاء عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، وهنا: أتى بثلثي مد، فمن كان من عادته الاقتصاد في الماء، فيتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، والصاع: ثلاثة لترات، وهذا مبدأ في لزوم الاقتصاد وترك التبذير، ولذا قال بعض الفقهاء: لا ينبغي للإنسان أن يزيد في غسلات الوضوء على الثلاث التي جاءت بها السنة، لأنه يكون قد دخل في التبذير والمبالغة، والزيادة على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قال رجل لأنس حين حدث بأنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، فقال: والله لا يكفيني! فقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوفر منك شعرا ـ وهذا يمكن أن يتأتى بالطريقة التي أشار إليها عبد الله بن زيد، حيث قال: فأخذ يدلك، والدلك أولا يكون بقليل الماء، لأن البشرة إذا كانت جافة، فإن الماء لا يتخللها، وربما كان هناك هواء وفقاقيع، لكن حينما يمسحها ويدلكها بيده وهي مبللة فإنه إذا جاء أدنى ماء جرى على اليد، وتعتبر تلك غسلة ولو بحفنة صغيرة، فالدلك لأمرين:
الأول: التأكد من غسل الذراع وشموله، وعدم وجود بياض ولمع في عضو الوضوء.
الثاني: الدلك ييسر عملية الوضوء بقليل من الماء. انتهى
وفي شرح زاد المستقنع للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: ولا يجب عليك أن تلتزم بالصاع، أو بالحلاب، أو بخمسة أمداد، بل في بعض الأحيان لو اغتسل الإنسان بالصاع ربما أخل، فلا تطلب السنة بضياع الفرض، وإنما يغتسل بالصاع من يضبط الماء، ويحسن صبه على البدن، فالمقصود إذا تيسر للإنسان أن يصيب هذه السنة فليصبها، وهو أفضل تأسيا به عليه الصلاة والسلام، وإذا لم يتيسر له، فإنه لا حرج عليه في الزيادة، دون إسراف. انتهى.
والله أعلم.