السؤال
عندنا طائفة تدعى: "الشراكس"، وهم مسلمون، ولكن ما يعاب عليهم أنه في حالة تقدم شاب مسلم للاقتران بإحدى بناتهم، يرفضونه؛ بحجة أنهم لا يزوجون بناتهم لغير الشراكس، وفي حالة أن أحد أبنائهم، أو بناتهم تزوج من خارج هذه الطائفة، يقاطعونه، ويطوقونه بالحصار الاجتماعي، وتبعاته، فما حكم هذا العمل؟ وهل هذا جائز؟ أفيدونا -يرحمكم الله-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن هذه الطائفة من رفضهم التزوج من غيرهم، وتزويج من كان خارج قبيلتهم، خطأ ظاهر، وعادة ذميمة، وظلم للمرأة، وتشريع لم يشرعه الله ورسوله، فإنه: لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض، إلا بالتقوى، الناس لآدم، وآدم من تراب. كما قال صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان.
وقال: إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله، وصالح المؤمنين. متفق عليه.
وقال: إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. رواه الترمذي.
وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه.
وزوج فاطمة بنت قيس القرشية من أسامة بن زيد، وهو وأبوه عتيقان.
وتزوج بلال بن رباح الحبشي بأخت عبد الرحمن بن عوف الزهرية القرشية.
وزوج أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي ابنة أخيه الوليد سالما مولاه، وهو عتيق لامرأة من الأنصار.
وقال ابن مسعود لأخته: أنشدك الله أن تتزوجي، إلا مسلما، وإن كان أحمر روميا، أو أسود حبشيا.
وفي قصر الزواج على أبناء الطائفة الواحدة جملة من المفاسد، منها:
حرمان كثير من النساء من الزواج، أو تأخير زواجهن.
ومنها: تزويج البنات بغير أهل الصلاح، في كثير من الأحيان؛ لأن المعول عليه هو الانتماء للطائفة، وليس الخلق، والدين.
ومنها: مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج صاحب الخلق، والدين.
وما ذكرته من المقاطعة، والحصار الاجتماعي، المتبع ضد من يتزوج من خارج الطائفة، منكر آخر، وظلم واضح.
فالواجب الرجوع إلى ما قررته الشريعة في ذلك، قال الله تعالى: ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون {المائدة:50}.
والله أعلم.