السؤال
عندما أستمع لبعض العلماء وهم يتحدثون عن أجر الصبر على الابتلاء ـ وقد سمعت أحد العلماء ذكر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي جزئية منه: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ـ فهل يجوز أن أتمنى في هذه الحالة أن يبتليني الله عز وجل؟ وهل يجوز أن أسأل الله أن يبتليني؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت تبحث عن محبة الله تعالى فإنها لا تنال بسؤال الله الابتلاء، والحديث الذي أشرت إليه ليس فيه أن من سأل الله الابتلاء أحبه! وإنما فيه أن من أحبه الله ابتلاه، فالبلاء ليس جالبا لمحبة الله، ومحبة الله تعالى تنال بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم لا بسؤاله البلاء، وقد قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم {آل عمران: 31}.
وقال تعالى: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما {النساء:66ـ 68}.
وقد جاءت السنة بالنهي عن تمني البلاء، وبالأمر بسؤال الله العافية، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس؛ لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية.. متفق عليه.
وكما في قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يدعو على نفسه ويقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، إنك لا تطيقه، أو لا تستطيعه، أفلا كنت تقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. والحديث رواه مسلم والترمذي.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي عن هذا الحديث: وفيه كراهة تمني البلاء، لئلا يتضجر منه ويسخطه وربما شكا. اهـ.
وفي سنن أبي داود مرفوعا: إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواها.
قال في عون المعبود: فواها ـ معناه التلهف والتحسر، أي واها لمن باشر الفتنة وسعى فيها. اهـ.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله تعالى كان يسأله العافية، كما في الحديث الذي راوه أبو داود عن ابن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسى وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.
فلا تتمن ـ أخي السائل ـ البلاء، وسل ربك العافية، فإنه شرع لك أن تسأله العافية لا أن تدعو على نفسك بالبلاء، وانظر الفتوى رقم: 105320.
والله أعلم.