السؤال
من اعتاد الإكثار من الصيام، مثل صيام داود مضافا إليه الاثنين والخميس والأيام البيض، وجميع صيام التطوع بفضل الله تعالى، وكان بعيدا في تلك الفترة التي اعتاد فيها الإكثار من الصيام عن أسرته وأقاربه ثم عاد إليهم، فهل الصواب حين العودة إلى الأهل والأقارب أن يستمر على نفس النمط من الصيام دون التفريط في أي يوم ما استطاع ذلك؟ لا سيما أن الوالدين يحبان أن يأكل الابن معهما الغداء، والأقارب ـ وهم كثيرون والحمد لله تعالى ـ سيقومون بدعوة هذا المغترب لتناول الغداء عندهم، وربما يذهب هذا المغترب لزيارة الناس فينزل ضيفا عند هذا وذاك، ويقدمون له الطعام والشراب، وكذلك سيأتي عند المغترب الضيوف الذين لابد من إكرامهم بالطعام والشراب، ناهيك عن الأعراس الكثيرة المتتالية التي لا حصر لها، والتي يتم تقديم الغداء فيها دائما، وجميع من ذكرتهم سينزعجون ويتضايقون إن أخبرهم المرء بصيامه، ولم يتناول معهم أو عندهم الطعام والشراب، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى سيكون من الصعب جدا إخفاء الصيام عن الناس لما ذكرته سابقا من كثرة الزيارات والدعوات، وإخفاء الصيام أدعى للإخلاص كما تعلمون، بل سيعلم المجتمع بأسره أن فلانا كثير الصوم، وهذا ربما يقود المرء إلى العجب أو الغرور، ويسهل دخول الشيطان عليه، فما الحل من الناحية الشرعية، لا سيما والإنسان لا يريد التفريط أو التكاسل فيما بعد إن ترك الصيام الذي اعتاد عليه لفترة طويلة ـ والحمد لله تعالى ـ ويريد العمل بما جاء في الحديث الذي يحث على متابعة الصيام والذي قال فيه الألباني: صحيح لغيره ـ وهو: إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام.
وجزاكم الله تعالى خيرا.