السؤال
شيخنا: وقعت في مسألة ما، وكدت من شدتها أن أجن؛ لأني لا أحب أن أحلف بها، أو تخطر على بالي بالمرة.
شيخنا: بعد سفري تذهب زوجتي إلى بيت أهلها، وتكون أمها في خدمتها، وبسبب الحمل أيضا. المهم حصل خلاف بيني وبينها، ومكثنا مدة أسبوع أو أكثر لا يكلم أحدنا الآخر. وفي يوم من الأيام اتصلت علي زوجتي، وأرسلت لي رسالة على الفايبر بأنها ذاهبة إلى الشقة. فذهبت لأتصل بها، فوجدتها منهارة، وتبكي. فسألتها ماذا جرى؟ فأخبرتني بأن أخاها ضربها. فغضبت جدا لذلك، ودماغي كادت أن تنفجر من التعب وضغط العمل، من ناحية، وجاء هذا الموقف ليزيد الأمر شدة. وقلت لها: بعد أن تنهي الكشف بالليل، سيأتيك أخي بالسيارة في هذا اليوم. واذهبي إلى الشقة، ولو ذهبت مرة أخرى هناك، وأخوك موجود تكونين خالصة، وأكدت عليها ذلك بمعنى كلمة خالصة. وأفهمتها معنى كلمة خالصة. يعني ( طالق ) وبعد قليل كلمتني والدتها، وقالت لي: لقد أخذت لها حقها، وضربته في عينه، حتى ذرفت عينه بالدم. وقالت لي وهي تبكي: إذا مت من الذي سيغسلني، ويكفنني غير بنتي. فتأثرت بكلامها جدا، وأشفقت عليها، مع العلم بأن أخاها خاطب ولم يتزوج، وموجود في البيت معهم دائما، حتى الخروج للعمل لا يخرج، مع أنه موظف. ولا أعرف ماذا أفعل؟ وأكيد طبعا بالنسبة لي وجودها في بيت أهلها أحسن وأفضل لي؛ لأن أمها تكون في خدمتها.
فما الحكم في ذلك اليمين؟ ولغاية الآن زوجتي في بيت أهلها؛ لأن حلفي عليها بعدم الذهاب لبيت أبيها، وأخوها موجود في البيت، متعلق بما بعد ذهابها لشقتها أولا، وأخوها موجود هناك في البيت، مع العلم أن أخاها ليس له مأوى إلا البيت الذي يسكنون فيه الآن، وموقف زوجتي بعد ذلك في حالة زواج أخيها هل تذهب للعرس أو لا؟
نريد منكم تفصيلا مفصلا لهذه المسألة، مع النصيحة العامة لي ولزوجتي.
وهل الطلاق وقع بالفعل أم لا؟
أفيدوني لأني تعبان جدا من هذا الأمر، وينغص علي حياتي.
وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح بالك، وبعد، فقول الرجل لامرأته :(لو ذهبت مرة أخرى هناك، وأخوك موجود تكونين خالصة) من كنايات الطلاق المعلق، وكنايات الطلاق هي الألفاظ التي تدل على الفرقة من غير مادة (الطلاق)، وهي لا تكون طلاقا إلا بالنية، كما أوضحناه في الفتوى رقم:121507.
وحيث إن الزوج قصد الطلاق بدليل أنه فسر (خالصة) بـ (طالق)، فهذا طلاق معلق على شرط، فإذا تحقق الشرط، وقع الطلاق باتفاق الفقهاء، وقد نقل ابن حزم الإجماع على ذلك. وراجع فتوانا رقم: 125064.
وعليه، فإذا كانت زوجتك ذهبت فعلا إلى بيت أهلها، بعد ما حلفت أن لا تذهب وأخوها هناك، فقد تحقق الشرط، ووقع الطلاق، وكون أخيها لا مأوى له إلا بيت العائلة، لا يمنع من وقوع الطلاق إذا تحقق ما علق عليه.
لكن إذا كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية، فإنه يمكنك ارتجاع زوجتك ما لم تضع حملها؛ لأن الحامل تنقضي عدتها بوضع حملها، وكنا قد بينا ما تحصل به الرجعة عند أهل كل مذهب فراجع فتوانا رقم: 30719، بعنوان: أقوال العلماء في كيفية حصول الرجعة. وتنظر أيضا عدة الحامل في الفتوى رقم:8094.
فإن وضعت حملها قبل الرجعة، فقد بانت منك بينونة صغرى، فلا تحل لك إلا بعقد ومهر جديدين.
وأما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة، فإنها لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك - نكاح رغبة لا نكاح تحليل -.
وبعد وقوع الطلاق تنحل اليمين، وبالتالي فلا يتكرر الطلاق بتكرر ما علق عليه؛ لأن يمين الطلاق الذي صدرت من الزوج لا تفيد التكرار، وعليه، فلا حرج بعد ذلك في شهود الزوجة عرس أخيها في بيت العائلة.
وأما غضب الزوج، فلا أثر له في عدم وقوع الطلاق ما دام مدركا لما يقول، مختارا لما يتلفظ به، ولم يغلب على عقله بسبب الغضب، كما بيناه في الفتوى رقم: 35727.
ونوصي الزوج بأن يتحلى بالصبر الجميل، وعدم المسارعة إلى اتخاذ قرارات مصيرية في حالة الغضب؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب فردد مرارا، قال: لا تغضب رواه البخاري.
والله أعلم.