تابت مِن حبَّ شخص بعد أن تركها، وتشعر أن الله لم يتقبل توبتها

3 168

السؤال

كنت أحب رجلا ملتزما، وهو كذلك، وتعلقت به جدا، ثم بعد فترة وجيزة ابتعد عني؛ لأنه تاب، وقال في حقي كلاما سيئا، وجارحا، ولم أستطع نسيان ما قاله، وأتذكره بتفاصيله، فأموت قهرا على وفائي معه، وحرصي عليه، وحبي له، وقد فهم ذلك على أني أريد إفساد أهله عليه، وتبت إلى الله، لكني لا زلت خائفة أن الله لن يغفر لي؛ لأني لم أتب إلا بعد أن تركني، وتوجهت إلى الله في جبر قلبي، وأشعر أن توبتي ليست مقبولة؛ لأني لم أتركه خوفا من الله، بل هو الذي تركني، علما أني -والحمد لله- أحسن في طاعتي، لعل الله أن يرضى عني، فماذا أفعل حتى أشعر برضا الله عني؟ وأنا دائما أفكر فيه، وأحيانا أتمنى أنه ما زال معي، ثم أقطع التفكير، مستعيذة من الشيطان، وأبكي كل يوم بسبب ما قاله في حقي، فما السبيل للتخلص من حبه ومن إساءته؟ وما السبيل لمعرفة إن كانت توبتي مقبولة أم لا؟ أعينوني -أعانكم الله- لأني سأجن من الشك في مغفرة الله لي، كيف أنساه وأتخلص من الحزن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فاعلمي أن ما تجدينه من الخوف من عدم القبول، ومن الاجتهاد في الطاعات، كل ذلك من علامات قبول التوبة وصحتها.

  قال ابن القيم -رحمه الله-: فالتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات.

منها: أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها.

ومنها: أنه لا يزال الخوف مصاحبا له، لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه: {أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30] فهناك يزول الخوف.

ومنها: انخلاع قلبه، وتقطعه ندما وخوفا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.

 لكن عليك الحذر من الخواطر الشيطانية التي تأتيك لتذكرك بهذا الرجل، وتزين لك الذنب مرة أخرى، فإن من صدق التوبة عدم التفات القلب إلى الذنب.

قال ابن القيم -رحمه الله-: ومن اتهام التوبة أيضا: ضعف العزيمة، والتفات القلب إلى الذنب الفينة بعد الفينة، وتذكر حلاوة مواقعته، فربما تنفس، وربما هاج هائجه. اهـ.

ومما يعينك على التغلب على تلك الخواطر، والثبات على التوبة، أن تستعيني بالله، وتعتصمي به، وتلحي في دعائه، وتكثري من ذكره، وتشغلي فراغك بالأمور النافعة.

 وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 61744.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات