السؤال
عقدت عقدا شرعيا على فتاة، لكن الفتاة كانت قد قامت بعقد مدني على شخص آخر قبل عقدي عليها بالقوة ـ أي: بعدم رضاها ـ وأبوها هو من قام بالولاية عليه، مع العلم أنه تارك للصلاة، ومحارب الدين، فهل عقدي صحيح؟ وقد استندنا على رجل مسلم في ولايتها بعد انعدام الولاية في أقاربها، وماذا يبيح العقد الشرعي لنا -جزاكم الله كل خير-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فولاية غير المسلم لنكاح موليته المسلمة لا تصح، جاء في الجوهرة النيرة على مختصر القدوري الحنفي: ولا ولاية لكافر على مسلمة.
وقال القرافي المالكي -رحمه الله-: ولا يعقد المرتد، فإن عقد هو، أو نصراني فسخ بعد الدخول.
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: الشرط الثالث، الإسلام، فلا يثبت لكافر ولاية على مسلمة، وهو قول عامة أهل العلم أيضا، قال ابن المنذر: أجمع عامة من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا.
لكن ردة والد الفتاة المذكورة، وعدم صلاحيته لولاية نكاحها تحتاج إلى ثبوت ذلك بإقرار منه، أو حكم معتبر شرعا، مع العلم بأن ترك الصلاة من غير جحود لفرضيتها مختلف في كونه مخرجا من الملة، وانظر الفتوى رقم: 177285.
وعليه، فإذا كان قد زوجها ولو لم يسجل العقد، أو كانت هي غير راضية بذلك الزواج، مع عدم ثبوت كفره، فلا يجوز أن يعقد عليها لزوج آخر ما دامت لم تبن من الزوج الأول بطلاق، أو فسخ نكاح؛ وذلك لأنه قد يكون صحيحا نافذا؛ وذلك في الحالة التي يكون للولي حق جبر موليته على النكاح، والأمر هنا واضح، وقد يكون من الأنكحة الفاسدة، وذلك في حالة ما إذا لم يكن له الحق في إجبارها، وتراجع لبعض التفاصيل الفتوى رقم: 164219.
ومن تزوجت تزويجا فاسدا لم يصح تزويجها قبل فسخ الزواج الأول، قال ابن قدامة الحنبلي: وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها، أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه، نص عليه أحمد، وقال الشافعي: لا حاجة إلى فسخ، ولا طلاق؛ لأنه نكاح غير منعقد، أشبه النكاح في العدة، ولنا أنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد، فاحتيج في التفريق إلى إيقاع فرقة، كالصحيح المختلف فيه، ولأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح ونكاح الآخر الفاسد، ويفارق النكاح الباطل من هذين الوجهين، وإذا زوجت بآخر قبل التفريق لم يصح الثاني أيضا.
وعليه، فللوقوف على صحة هذا العقد الجديد، أو بطلانه ننصح بعرض المسألة على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
والله أعلم.