السؤال
زوجي ـ والحمد لله ـ محافظ على صلاته وصيامه ويعتمر أكثر من مرة في السنة، ويحج كل سنة، ولكنه مدمن على لأفلام الإباحية، وعند السفر إلى الخارج يبحث عن أماكن الفساد ليستمتع برؤية النساء العاريات ويقول أنا أنظر وأستمتع بالجمال فقط، وعندما أنصحه يرد علي بأنه سوف يغسل ذنوبه بالعمرة عندما يعود، فما رأيكم في هذا؟ وهل يستطيع الإنسان أن يعصي الله ثم يعتمر أو يحج حتى تغسل عمرته أو حجه ذنوبه
وهو يعلم أنه سيعود للذنب مرة أخرى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن يقدم على فعل ما حرمه الله تعالى، وليعلم أنه على خطر عظيم إن لم يتداركه الله برحمته، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من محقرات الذنوب مبينا أن اجتماعها سبب لهلاك صاحبها ـ عياذا بالله ـ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا: كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق، فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادا فأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها. رواه أحمد.
فإذا كان هذا الشأن مع محقرات الذنوب فكيف يكون شأن ما عداها؟! فالواجب على العبد أن يحذر المعاصي صغيرها وكبيرها، فإنها من محبطات الأعمال ـ عياذا بالله ـ وأن يستقيم على شرع الله فعلا للمأمور وتركا للمحظور، ولا يتبع خطوات الشيطان، فإنه هو الذي يزين له المعاصي والمخالفات ويعلله بالأماني الباطلة ويمنيه مغفرة الله تعالى، وهذا من تلبيس الشيطان ومكره، قال ابن القيم رحمه الله: وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه، وضيعوا أمره ونهيه، ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند، قال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق، وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا، وقيل للحسن: نراك طويل البكاء، فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي، وكان يقول: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: لأني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل، وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد؛ كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف. انتهى.
وأما زعمه أنه يغسل ذنوبه بالعمرة أو الحج: فنعم، قد ثبت أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ولكن من أين له أن عمرته قد قبلت ووقعت موقعها، فهذا من تلبيس الشيطان عليه ومكره به، يغره ويخدعه ليستمر على هذه المعاصي، والحزم كل الحزم مجانبة الذنوب دقت أو جلت، والسلامة لا يعدلها شيء، فعلى زوجك أن يبادر بالتوبة النصوح وأن يقلع عن هذه المعاصي التي هو مقيم عليها، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وأما طاعاته التي يأتي بها فهي من الخير ولا شك، ونرجو أن يكون ممن قال الله فيهم: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم {التوبة:102}.
نسأل الله أن يرزقنا وإياه توبة نصوحا.
والله أعلم.