السؤال
دائما أسمع، وأقرأ أن الشخص إذا تاب من أمر، أو ذنب مدة أربعين يوما، فلا يعود إلى الذنب بعدها، وأنها تكون توبة صادقة إذا كانت مدة أربعين يوما، وقرأت عن ذلك في كتب التائبين، فما صحة ذلك؟ وإذا فعلت ذنبا، وتبت عنه كل يوم مدة أربعين يوما، فهل لا بد أن تكون متواصلة، أم لا بأس بتفويت يوم، وتأجيله، وإكمال العدد 40 بعد أيام قليلة؟ أفيدونا في ما يخص هذا الأمر -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على دليل يفيد صحة ما ذكرت.
وأما التوبة فبابها مفتوح لكل من تاب صادقا، مخلصا؛ فقد وعد الله سبحانه وتعالى بالرحمة، والغفران من تاب، واستغفر بعد الذنب، فقال تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام:54}، وقال تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما {النساء:110}، وقال تعالى: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم {النساء:17}، وقال عز وجل: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: ابن آدم ،إنك ما دعوتني، ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي، وحسنه، وصححه الألباني.
وقال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم.
وأما ما يمنع العود للذنب فأهم وسائله الإكثار من النظر في كتب الرقائق، ونصوص الترغيب والترهيب التي تتحدث عن فوائد الطاعات، وشؤم وخطر المعاصي، إضافة إلى مجالسة الصحبة الصالحة، ومشاركتهم في أعمال الخير، والبعد عن أجواء المعصية وأهلها، كما قال العبد الصالح العالم الرباني حينما سأله قاتل المائة نفس: هل له من توبة؟ فقال له: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء .. الحديث. رواه مسلم.
قال النووي: قال العلماء: في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب، والإخوان المساعدين له على ذلك، ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح، والعلماء، والمتعبدين الورعين، ومن يقتدي بهم وينتفع بصحبتهم، وتتأكد بذلك توبته. اهـ.
والله أعلم.