السؤال
هل يحق لسلطة من سلطات الدولة، أو الدولة نفسها أن تمنع المسلمين من استخراج المرجان من البحر. علما بأن هذه الدولة لا تحكم بما أنزل الله، وتدعم المنكرات مثل دول أوروبا.
ومن ناحية أخرى تجد بعضهم يسمح، ولكن بإعطاء المال. وربما فضلوا الأجنبي، وباعوا له، أو سمحوا له بما يمنعون منه الناس، وطلبهم للرزق. وربما يبررون هذا بتأذي نبات البحر، أو أي شيء من سمك، أو بيض، أو أي شيء. المهم هذا العمل هو مصدر رزق للناس، علما بأن هناك الجرافات التي تعمل في البحار.
فهل يحرم على الناس استخراج هذا المرجان؟ وهل يجوز أن يشترى المسلم من الذين يستخرجون هذا المرجان، علما بأنه بعد استخراجه يصنع ويباع.
أفيدونا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحظر القانون لاستخراج المرجان من البحر، يجري على قاعدة تقييد ولي الأمر للمباحات، وهذا يجب الالتزام به ما دام موضوعا لمراعاة مصلحة عامة، أو درء مفسدة حقيقية، وذلك أن تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة، كما سبق بيانه في الفتويين: 125687، 126169.
فإذا لم يوضع هذا القانون لمصلحة معتبرة، فلا يجب التزامه إلا ظاهرا، لخوف الفتنة والضرر، وخشية تعريض النفس لما لا تطيق من البلاء؛ قال صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
وجاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية ما يلي: ... نعم، الذي يظهر أن ما أمر به (أي الحاكم) مما ليس فيه مصلحة عامة، لا يجب امتثاله إلا ظاهرا (يعني خشية الضرر، أو الفتنة) فقط بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا. انتهى.
وانظرالفتوى رقم: 137746.
والتعاون مع مخالفي ذلك القانون بشراء ما استخرجوه، ينبني على حكم مخالفتهم. فإن كانت محرمة، والدولة لا تقرهم على ما استخرجوه، فلا يجوز الشراء منهم لكونه تشجيعا لهم على التمادي في المخالفة، وإن كان لا يحرم عليهم ذلك وفق التفصيل السابق، أو كانت الدولة تقر من استخرجوه على تملكه وبيعه بعد استخراجهم، فلا حرج حينئذ في التعاون معهم والشراء منهم، ومهما يكن من أمر فينبغي في مثل هذه المسائل أن تعرض على علماء البلد مشافهة ليقدروا حقيقة الأمر وواقعه.
والله أعلم.