ما حكم التخطيط شديد الدقة للمستقبل؟

0 217

السؤال

ما حكم التخطيط شديد الدقة للمستقبل؟ فأنا أعيش في الولايات المتحدة، والمواطنون هنا يقومون بحساب كل شيء ماديا بالورقة، والقلم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتخطيط لأمور المعاش المباحة، والتدبير لها، مشروع في الجملة، وهو لا ينافي التوكل على الله تعالى، ما دام القلب متعلقا بالله تعالى، اعتمادا عليه، وثقة فيه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 96165، ورقم: 68791.

وقال الشيخ الشعراوي في تفسيره: الحق تبارك وتعالى حينما يعلمنا أن نقول: إن شاء الله ـ إذا أقدمنا على عمل في المستقبل، إنما يكرم عبده، ويحميه؛ حتى لا يوصف بالكذب إذا لم يحقق ما وعد به، وليس في قولنا: إن شاء الله ـ حجر على أحد، أو تقييد لطموحات البشر، كما يدعي البعض أن قول: إن شاء الله ـ يلغي التخطيط للمستقبل، نقول: خطط كما تريد، ودبر من أمرك ما شئت، واصنع من المقدمات ما تراه مناسبا لإنجاح سعيك، لكن ما عليك إن قرنت هذا كله بمشيئة الله، وهي في حد ذاتها عون لك على ما تريد، فإن أخفقت فقد جعلت لنفسك حماية في مشيئة الله، فأنت غير كاذب، والحق تبارك وتعالى لم يشأ بعد أن تنجز ما تسعى إليه. اهـ.

وكلما ازدادت أهمية الأمر كلما كان التخطيط له أكثر إلحاحا، وأقرب لمقاصد الشرع، فالمستحبات، والواجبات الشرعية تحتاج هي الأخرى لتخطيط، وعناية مسبقة، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين {التوبة: 46}، وقوله عز وجل: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة {الأنفال: 60}.

ومن أمثلة ذلك: التدابير المتعددة التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم لإنجاح هجرته إلى المدينة المنورة.

والتخطيط المستقبلي للأمور العامة للأمة ككل، أهم وآكد من الأمور الشخصية، ومن ذلك الخطة المحكمة التي وضع نبي الله يوسف الصديق -عليه السلام- لإدارة أزمة الجفاف، والقحط، وهي قوله: تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون {يوسف: 47ـ 48}.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 241240.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات