السؤال
أعمل موظفا في قطاع خاص، وزوجتي مدرسة وتريد إرسال مبلغ شهري لأهلها في مصر، مع العلم أنهم ميسورون، فاعترضت حرصا مني على المال وخصوصا أن لدينا طفلا ولم نقصر في حق أهلها، ففي كل المناسبات نرسل أموالا وهدايا، والآن وصل الأمر بيننا إلى الطلاق طالما أرفض إرسال مبلغ شهري إلى أهلها وخصوصا بعد ما عيرتني بأن راتبها أعلى من راتبي، فحلفت لها بالطلاق أن إرسال أموال إلى أهلها يعني طلاقها.. فما رأي الشرع؟ وهل من حقها إرسال أموال إلى أهلها شهريا؟ مع أننا ندفع زكاة المال ونتصدق باستمرار.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراتب الزوجة كسائر مالها حق خالص لها، لا حق لزوجها أو غيره في شيء منه، لكن يجوز للزوج أن يشترط على المرأة أن تعطيه قدرا من راتبها حتى يأذن لها في الخروج إلى العمل، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 35014، ورقم: 19680.
واعلم أن للمرأة ما دامت رشيدة أن تتصرف في مالها بسائر أنواع التصرفات المباحة دون إذن زوجها، كما بيناه في الفتوى رقم: 94840.
وعليه، فلا حق لك في منع زوجتك من التبرع ببعض مالها لأهلها، وليس فعلها ذلك من التبذير أو الإسراف أو تضييع المال، بل تبرعها لأهلها بالمال ـ وإن كانوا أغنياء ـ عمل صالح من الأعمال الفاضلة، وهو سبب للبركة في العمر والمال فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
وبخصوص يمين الطلاق الذي حلفته، فإن كان بتلك الصيغة المذكورة في السؤال، فالحكم فيه يتوقف على معرفة نيتك في اليمين، فإن كانت نيتك أن الطلاق يقع إذا أرسلت لأهلها المال، فإنها إذا أرسلت لهم المال وقع طلاقها، وإن كانت نيتك الوعد بالطلاق، فإنها إذا أرسلت لأهلها المال ولم تطلقها طلقت بفوات الوقت الذي نويت طلاقها فيه، أو بفوات آخر زمان الإمكان ـ وهو موت أحدكما ـ إن كنت لم تعين وقتا لطلاقها، وانظر الفتوى رقم: 203128.
واعلم أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.