السؤال
في بعض الأعمال الصالحة فوائد كثيرة مذكورة، وقد تكون هناك فوائد كثيرة متعددة في عمل واحد، فهل يجب علي أن أنوي احتساب كل هذه الفوائد في عمل واحد؟ فمثلا في صلاة الضحى فوائد عديدة:
1ـ أنها وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه.
2ـ أنها تجزئ عن صدقات كثيرة.
3ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وقال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.
4ـ أن صلاة الضحى صلاة الأوابين.
5ـ وورد فيها أيضا الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا، فأعظموا الغنيمة، وأسرعوا الكرة، فقال رجل: يا رسول الله، ما رأينا بعثا قط أسرع كرة، ولا أعظم غنيمة من هذا البعث، فقال: ألا أخبركم بأسرع كرة منهم، وأعظم غنيمة رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة، ثم عقب بصلاة الضحوة، فقد أسرع الكرة، وأعظم الغنيمة.
6ـ وإذا صح الحديث فإن صلاة الضحى بعمرة.
فهل علي أن أنوي كل هذه الأجور العظيمة في آن واحد لكي أكسبها؟ أم أنني أكسبها حتى إذا لم أذكر الأجور، وهكذا في سائر الأعمال -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية المطلوبة شرعا والتي يناط بها حصول الثواب هي أن يؤدي العبد الطاعة، ويأتي بالعبادة ابتغاء وجه الله تعالى، وتقربا إليه، فإذا فعل العبد هذا حصل له الثواب المترتب على تلك العبادة، سواء علمه أم لم يعلمه، وسواء نواه أم لم ينوه، قال القاضي في تعريف النية المأمور بها شرعا: والشرع خصها بالإرادة، والتوجه، نحو الفعل ابتغاء لوجه الله تعالى، وامتثالا لحكمه. انتهى.
وإذا علمت هذا، فإن من صلى الضحى مثلا حصلت له صدقة مفاصله، وغير ذلك من الأجور المترتبة على صلاة الضحى، وإن لم ينو هذا الثواب إذا كان قد صلى ابتغاء وجه الله تعالى، وطلبا لمثوبته.
وأما الأحاديث الواردة في الترغيب في تلك الطاعات: فإن المراد بها حث الناس على المبادرة إلى الخيرات، وعدم التهاون في فعلها، وليس المراد أنه لا يحصل له إلا الثواب الذي يستحضره، وينويه، وفضل الله تعالى واسع، فمن لم يعلم بثواب العمل أصلا فإنه يحصل له، كالذي سقى الكلب فشكر الله له فغفر له، وكالذي يتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وغير ذلك كثير يشهد لما ذكرناه، وهو واضح جدا -بحمد الله-.
والله أعلم.