السؤال
أنا طالبة جامعية وخريجة هذا العام ـ إن شاء الله ـ وقد خططنا أنا وصديقاتي أن نقوم بإهداء دكاترتنا هدايا رمزية تقديرا منا لجهودهم معنا خلال أربع سنوات، مع العلم أن هؤلاء الدكاترة كلهم رجال وغير مسلمين، فهل يجوز أن نقوم بإعطائهم الهدايا أم لا؟ وهل نكون قد ارتكبنا ذنبا إذا أهديناهم، مع العلم أن هدفنا فقط هو الاحترام والتقدير لهم على جهدهم واحترامهم لنا خلال دراستنا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك يتضمن حكم هدية المرأة للرجل الأجنبي عنها، وحكم هدية المسلم للكافر، وحكم هدية الطالب للمدرس، فأما هدية المرأة للرجل الأجنبي عنها، فلا مانع منها إذا كانت خالية من غرض محرم من خوف فتنة أو ريبة ونحو ذلك، ودليل الجواز ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور، فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله...إلخ الحديث. التور: قدر كبير يصنع من الحجارة ونحوها.
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في نيل الأوطار عند شرح هذا الحديث: وفيه جواز إرساله الصغير إلى من يريد المرسل دعوته إلى طعامه، وقبول الهدية من المرأة الأجنبية، ومشروعية هدية الطعام. انتهى.
وإذا جاز قبول الهدية جاز إهداؤها، كما أن هدية المسلم للكافر تجوز أيضا، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب: رأى حلة سيراء عند باب المسجد فقال: يا رسول الله؛ لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ منها حلة، فقال عمر: يا رسول الله؛ كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ـ اسم البائع ـ ما قلت! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أكسكها لتلبسها، فكساها عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أخا له بمكة مشركا.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه على صحيح مسلم: وفي حديث عمر في هذه الحالة: جواز إهداء المسلم إلى المشرك ثوبا وغيره. انتهى.
وكذلك تجوز الهدية من الطالب للمدرس إن لم يكن يراد منها أمر سيئ، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 179061، 57200، 5794.
ومما سبق يعلم أنه يجوز لكن الإهداء لهؤلاء الدكاترة شكرا وتقديرا لمجهوداتهم في تعليمكن، بشرط أن تخلو الهدايا من غرض محرم كما سبق، ومما يجب التنبيه إليه أن هناك فرقا بين البر والقسط والإحسان، وبين المحبة والمودة والمصادقة، فلا مودة بين مسلم وكافر، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين {المائدة:51}.
وكذلك لا مصادقة بين الرجال الأجانب والنساء الأجنبيات، لما فيها من الشر العظيم، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 199607، ورقم: 120928.
والله أعلم.