السؤال
هل يجب أن تكون الاثنتا عشرة ركعة النفل التي يرزق بها العبد بيتا في الجنة موزعة حسب ما جاء في السنة؟ أم يجوز أن توزع توزيعا آخر حسب القدرة؟ علما بأنني أصلي أربعا قبل وبعد الظهر، وأربعا قبل العصر، فهل يجوز ذلك؟ وهل تجزئ تلك الصلوات عن تحية المسجد أم يؤتى بالتحية والسنة؟ وهل في فعلي ذلك مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الترغيب في صلاة ثنتي عشرة ركعة، ووعد من صلاها ببيت في الجنة، في حديث عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما، وجاء هذا الترغيب في صحيح مسلم من حديث أم حبيبة من غير تعيين هذه الركعات، وورد تعيينها في سنن الترمذي وغيره، وأنها أربع قبل الظهر واثنتان بعدها، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، واثنتان قبل الصبح، والقاعدة هي حمل المطلق على المقيد، ومن ثم فمن أراد هذا الثواب فليحافظ على هذه الركعات كما عينها النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في سنن النسائي تعيين هذه الركعات، فذكر ركعتين قبل العصر ولم يذكر ركعتين بعد العشاء، لكن حكم الشيخ الألباني على هذه الرواية بالضعف، ومن العلماء من اعتقد ثبوتها كالشوكاني رحمه الله، ومن ثم ذهب إلى أن البيت في الجنة لا ينال إلا بصلاة ما نص عليه في الروايات المختلفة، قال رحمه الله: "وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما ذكر المصنف، فالترمذي أثبت ركعتين بعد العشاء. ولم يثبت ركعتين قبل العصر. والنسائي عكس ذلك، وحديث عائشة فيه إثبات الركعتين بعد العشاء دون الركعتين قبل العصر.،، وحديث أبي هريرة فيه إثبات ركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء، ولكنه لم يثبت قبل الظهر إلا ركعتين والمتعين، المصير إلى مشروعية جميع ما اشتملت عليه هذه الأحاديث، وهو وإن كان أربع عشرة ركعة والأحاديث مصرحة بأن الثواب يحصل باثنتي عشرة ركعة، لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي جاء التفسير بها إلا بفعل أربع عشرة ركعة لما ذكرنا من الاختلاف" انتهى، وقال ابن حجر في الدراية: "لم يذكر في الحديث الأربع قبل العصر، واختلفت الآثار، والأفضل الأربع" انتهى.
ويظهر من كلام بعض العلماء أن الوعد المذكور يحصل لكل من صلى ثنتي عشرة ركعة في أي وقت من اليوم، قال ابن علان في شرح حديث أم حبيبة: "وهذا الحديث بعمومه يعطي أن الوعد المرتب فيه على صلاة ما ذكر شامل للرواتب وغيرها من الضحى وصلاة الإشراق وغيرهما، فإيراد المصنف له في هذا الباب لأن الرواتب من جملة ما رتب عليه هذا الوعد" انتهى، والأحوط الذي يحصل به تحصيل هذا الثواب بيقين هو ما قدمناه، وتجزئ السنة الراتبة عن تحية المسجد، وانظر الفتوى رقم: 100644، وهذه الركعات التي تصليها مشروعة كما ذكرنا، لكن عليك أن تزيد ما تتركه من الركعات التي عينت في حديث أم حبيبة ليحصل لك ثوابها الموعود بيقين، وهو بناء بيت في الجنة.
والله أعلم.