مصير قاطع الرحم في الآخرة

0 215

السؤال

سؤالي لفضيلتكم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع):
1- هل يستفاد منه أن قاطع الرحم يعذب في النار ابتداء لكنه لا يخلد فيها لأنه من أهل الإسلام؟.
2- ماذا عن أعماله الصالحة هل يحبطها قطع الرحم؟.
3- هل الشهادة في سبيل الله تغفر قطع الرحم كما تغفر غيرها من الذنوب أم أن هذا الحديث ينفي ذلك؟
4-وهل من الممكن أن يموت قاطع الرحم ويغفر الله له ويدخله الجنة رغم هذا النص؟.
وأعتذر لفضيلتكم عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فحديث: لا يدخل الجنة قاطع. متفق عليه من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، وقد قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: هذا الحديث يتأول تأويلين سبقا في نظائره في كتاب الإيمان: أحدهما: حمله على من يستحل القطيعة بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها، فهذا كافر يخلد في النار، ولا يدخل الجنة أبدا، والثاني: معناه ولا يدخلها في أول الأمر مع السابقين، بل يعاقب بتأخره القدر الذي يريده الله تعالى. اهــ
وقال المناوي في شرح الجامع: لا يدخلها حتى يطهر بالنار. اهــ
ولم يرد في الشرع فيما نعلم أن قطيعة الرحم تحبط بقية الأعمال، وإذا لم يرد دليل بذلك فإن الأصل عدم حبوط العمل بالقطيعة، وقد قال الله تعالى: ولن يتركم أعمالكم، قال ابن كثير: أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا. اهــ
وأما هل يمكن أن يغفر الله لقاطع الرحم؟ فلا شك أن هذا ممكن، والله تعالى يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وقطيعة الرحم كبيرة من الكبائر، ولكنها ليست شركا بل دون الشرك، وقد أخبرنا الله في كتابه أنه لا يغفر الشرك ويغفر ما دونه من الذنوب، كما قال الله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء : 48 .
وأما هل الشهادة تكفر قطيعة الرحم؟ فجوابه: أن الشهادة لا تكفر الذنوب المتعلقة بحقوق العباد كما يدل عليه حديث: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم، قال في تحفة الأحوذي: الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين أي إلا حقوق الآدميين. اهــ
قال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: إلا الدين ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى. اهــ
وقال الحافظ في الفتح: يستفاد منه أن الشهادة لا تكفر التبعات. اهــ
وقطيعة الرحم يتعلق بها حق للعباد وهم الأرحام، إذ من حقهم صلتهم، فمن قطعهم فقد أضاع حقا من حقوقهم عليه، فيخشى أنها تدخل في التبعات التي لا تغفرها الشهادة.
والله تعالى أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات