السؤال
كثيرا -والعياذ بالله- أتشاجر مع العديد من الناس بسبب أنهم يخطئون علي، وأنا لا أتحمل من يخطئ علي. فأحيانا أقول أثناء المشاجرة لخصمي: أقسم بالله لن أتركك، وأحيانا أقول: علي الطلاق لن أتركك، بقصد أنني سأنتقم منه؛ سواء بضربه، أو تحطيم سيارته، أو رفع شكوى لرئيسه إذا كان موظفا، إلا أنني وبعد مراجعة نفسي أتراجع عن ذلك.
سؤالي -حفظكم الله-: هل علي تنفيذ حلفي بضربه، أو تحطيم سيارته، أو رفع شكوى لرئيسه؟ وهل عندما أقول: علي الطلاق لن أتركك، تعتبر زوجتي طالقا إذا لم أنفذ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا حلفت على فعل شيء ثم بدا لك ألا تفعله، فلك أن تحنث في يمينك، وتكفر عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: وإني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني. رواه البخاري.
وإذا كان المحلوف عليه محرما، كظلم شخص، أو إيذائه دون حق، فلا يجوز البر في هذه اليمين، ويجب الحنث فيها، قال ابن قدامة –رحمه الله- " وإن كانت اليمين على فعل محرم، أو ترك واجب، فحلها واجب؛ لأن حلها بفعل الواجب، وفعل الواجب واجب." المغني لابن قدامة (9/ 493)
وإذا كان حلفك بالطلاق؛ فقد اختلف أهل العلم فيما يترتب على الحنث في هذه اليمين، وأكثرهم على وقوع الطلاق حينئذ، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ومن وافقه، إلى أن الحلف بالطلاق وتعليقه بقصد التأكيد أو المنع أو الحث، لا يقع به الطلاق، وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذاحنث، وانظر الفتوى رقم : 11592.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، كما ننبه إلى أن الغضب مفتاح الشر فينبغي الحذر منه، فعن أبى هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال " لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب" (رواه البخاري)، قال ابن رجب الحنبلي –رحمه الله- : " فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير " جامع العلوم والحكم - (1 / 144)
والله أعلم.