0 292

السؤال

إنسان يقول -في نفسه أحيانا-: ما يدريني لعل ما أفعله من أعمال صالحة إنما أجد ثوابه في الدنيا فقط، وعندما أموت ما يدريني لعلي لن أكون إلا معذبا في قبري، وفي آخرتي، ثم يذهب بي إلى جهنم -والعياذ بالله-، فيبقى خائفا مما يخطر بباله، ويخاف وقوع ما يخطر بباله حقيقة. هل هذا التفكير محمود لا شيء فيه، أم يتعارض مع حسن الظن بالله، والطمع في رحمته؟ وهل يستحسن ما ذكرت لكم، أم لا يجوز؟ وماذا عليه أن يفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بينا بالفتوى رقم: 223471، وتوابعها أن الخوف إنما يكون محمودا إذا أورث العمل، لا القنوط واليأس، وأما أن يوصل إلى الاكتئاب، أو التقصير في العمل، أو الشكوك في يوم القيامة وما فيه، فهذا ليس هو المطلوب.

قال ابن القيم في مدارج السالكين: "والخوف ليس مقصودا لذاته، بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف، فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والخوف يتعلق بالأفعال، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم، ولا يلحقهم فيها خوف، ولهذا كانت منزلة المحبة ومقامها أعلى وأرفع من منزلة الخوف ومقامه، والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط، قال أبو عثمان: صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهرا وباطنا. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله". انتهى.

وعلى هذا، فإن كان خوفك يدفعك إلى الاجتهاد في العمل، فهو محمود، ولا يتعارض مع حسن الظن بالله، فالعمل الصالح رجاء الجنة هو من حسن الظن بالله، كما قال الحسن: لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.

وإن أدى إلى التقصير، فليس هو الخوف المطلوب، وبالتالي، فعليك مراجعة نفسك، وقراءة النصوص في حسن الظن بالله، والاجتهاد في الطاعة، حتى يعتدل ميزان الخوف والرجاء في نفسك، وانظر الفتوى رقم: 174271،وتوابعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات