السؤال
ما رأيكم في كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي؟ وما رأيكم في خاطرة الأسباب والمسببات، وهي: أن الله يعاقب أولياءه، والعارفين به، إذا مالت قلوبهم إلى الأسباب؟
ما رأيكم في كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي؟ وما رأيكم في خاطرة الأسباب والمسببات، وهي: أن الله يعاقب أولياءه، والعارفين به، إذا مالت قلوبهم إلى الأسباب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكتاب صيد الخاطر -في الجملة- من الكتب الجيدة في باب السلوك، وتزكية النفس. وأما بخصوص الخاطرة فلعلك تقصد خاطرة: (حدود التعلق بالأسباب)، فهي التي اشتملت على الكلام المشار إليه في السؤال.
والشيخ -رحمه الله- لا ينكر الأخذ بالأسباب، بل يرى أن الأسباب طريق، ولا بد من سلوكها، كما صرح بذلك، وإنما أنكر تعلق القلب بالأسباب ومساكنتها. وهذا حق؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل؛ فإن العبد متى التفت إلى غير الله، أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه، فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة. ومن هاهنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب، وهذا حق، لكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح، فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب، وتعلق الجوارح بها، فيكون منقطعا منها متصلا بها." مدارج السالكين. وانظر الفتويين 175819، 216799.
ولما كان الأولياء المقربون لهم من المنزلة عند ربهم ما ليس لغيرهم، فقد تولى الله -عز وجل- حفظ قلوبهم؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "والمقصود أن الرب سبحانه حال بين هؤلاء الضنائن وبين التعلق بالخلق، وصرف قلوبهم، وهممهم، وعزائمهم إليه." مدارج السالكين.
وعلى هذا؛ فما ذكره الشيخ -رحمه الله- من غيرة الله على قلوب عباده العارفين، وأنه ربما يحصل لهم نوع عقاب، إذا حصل منهم التفات عن كمال التوكل عليه، ليعودوا إليه، كل ذلك له وجه من حيث الجملة. أما بخصوص ما ذكره من أمثلة فقد ينازع في بعضها.
والله أعلم.