السؤال
أخبرنا المؤجر قبل شهر من تركنا للعين المؤجرة بأننا نود تركها، وذلك كان قبل نهاية عقد الإيجار، فأكل علينا التأمين الذي دفعناه له مسبقا؛ لأنه قال بأن عقد الإيجار لم ينته وبأنه لم يجد مستأجرا جديدا بديلا عنا، فرفضنا أن ندفع فاتورة الكهرباء التي استهلكناها في العين المؤجرة؛ لأنها أقل من التأمين الذي أخذه منا؛ لأننا نعلم أن الفواتير التي يتهرب المستأجر من دفعها تؤخذ من التأمين، وهو أخذ التأمين بكامله، علما أن مقدار التأمين هو مقدار أجرة شهر من العين المؤجرة، وأننا تركنا تلك العين لشعورنا أنه غبنا بإيجارها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة من العقود اللازمة عند عامة العلماء، فلا يجوز لأحد الطرفين فسخها إلا برضا الطرف الآخر، جاء في المغني لابن قدامة: والإجارة عقد لازم من الطرفين، ليس لواحد منهما فسخها، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. اهـ .
وعليه؛ فإذا استأجرتم الشقة لمدة محددة فلا يحق لكم فسخ الإجارة قبل انتهائها، والأجرة كاملة لازمة لكم للمؤجر، جاء في المغني لابن قدامة: (ومن استأجر عقارا مدة بعينها، فبدا له قبل تقضيها، فقد لزمته الأجرة كاملة) وجملته أن الإجارة عقد لازم يقتضي تمليك المؤجر الأجر، والمستأجر المنافع، فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها، وترك الانتفاع اختيارا منه، لم تنفسخ الإجارة، والأجر لازم له، ولم يزل ملكه عن المنافع، كما لو اشترى شيئا وقبضه ثم تركه، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: رجل اكترى بعيرا، فلما قدم المدينة، قال له: فاسخني. قال: ليس ذلك له، قد لزمه الكراء. قلت: فإن مرض المستكري بالمدينة؟ فلم يجعل له فسخا، وذلك لأنه عقد لازم بين الطرفين، فلم يملك أحد المتعاقدين فسخه، وإن فسخه لم يسقط العوض الواجب عليه، كالبيع. .اهـ.
فيحق للمؤجر أخذ التأمين إذا كان بقدر أجرة المدة المتبقية من العقد، ولا يحل لكم الامتناع عن سداد فواتير الكهرباء مقابل التأمين حينئذ؛ لأنه من حق المؤجر.
والله أعلم.