السؤال
ما حكم التبخر بالأعشاب لعلاج العين والحسد والمس؟ فقد انتشرت رسالة أن هذا البخور يعتبر علاجا لهذه الحالات، والبخور هو: خمسون جراما من كل صنف من الأصناف التالية: مسك حجر أسود كبير، حلتيت، حرمل، سذاب، حبة سوداء، مرجان حر، قسط هندي، لبان ذكر (كندر)، زبد البحر، علب زيت الورد. ثم تقرئين عليها سورة يس وإذا أحببت قراءة سورة البقرة؛ لطرد الحسد والشفاء من العين وغيرها وهل صحيح أنه علاج؟!. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبخر بهذه الأشياء لا نعلم في الشرع ولا في الطب شيئا يدل على العلاج به، وقد جاء ذكر الحرمل في بعض الأحاديث الموضوعة، فقد ورد في كتاب الموضوعات لابن الجوزي: شكا نبي من الأنبياء إلى الله جبن قومه فأوحى الله إليه مرهم فليسقوا الحرمل، فإنه يذهب الجبن، ويزيد في الفروسية.
وروى ابن بشكوال في الآثار المروية قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب قراءة عليه قال: أنا أبي رحمه الله قال: نا عبد الرحمن بن مروان القلابسي نا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الناجي نا أحمد بن خالد نا إبراهيم بن محمد نا عون بن يوسف عن عبد الله بن عمر بن غانم قال: ني إسماعيل بن عياش الحمصي عن بعض القرشيين عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما ينبت عرق من حرمل ولا أصل ولا فرع ولا ورقة ولا زهرة إلا وملك موكل بها حتى تصل إلى من وصلت إليه، وإن في أصلها وفرعها النشرة، وإن في حبها الشفاء من اثنين وسبعين داء، فتبخروا بالكندر فإنها بخور كل شيء، وما من أهل بيت يتبخرون به إلا نفت عنهم كل شيطان فاغر فاه باسطا يده، وإنها لتنفي عن اثنين وسبعين دارا حولها كما تنفي عن أهل تلك الدار ـ قال ابن غانم: ما يسرني بمعرفة الحرمل ألفي دينار، وقال أحمد بن خالد: كان أبو إسحاق يعجب بحديث الحناء لمالك وحديث الحرمل لابن غانم، وإنما كتبتهما لإغراب أبي إسحاق بهما. اهـ.
وهذا لا يصح، إبراهيم بن محمد بن أبان قال الأزدي: منكر الحديث.
وعون بن يوسف ضعفه الدارقطني، وشيخ إسماعيل بن عياش لم يسم، قال أبو اليمان: كان من أروى الناس عن الكذابين، وهو في حديث الثقات من الشاميين أحمد منه في حديث غيرهم. اهـ.
وقد ذكرنا في بعض الفتاوى السابقة أن العلاج بالتبخر يكثر وجوده عند السحرة والمشعوذين وأصحاب التعامل مع الجن، وهو من عوائد النصارى والصابئين، وهذا مما يوجب على المسلم الحذر والتحفظ منه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: وقد بلغني أيضا أنهم -يعني النصارى- يخرجون يوم الخميس الذي قبل ذلك أو يوم السبت أو غير ذلك إلى القبور ويبخرونها، وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات، وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى لا لكونه طيبا ويعدونه من القرابين... إلى أن قال: وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه، وأصله مأخوذ عنهم، حتى إنه كان في مدة الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار، وكلام الرقايين من المنجمين وغيرهم بكلام أكثره باطل وفيه ما هو محرم أو كفر، وقد ألقي إلى الجماهير العامة أو جميعهم إلا من شاء الله وأعني بالعامة هنا كل من لم يعلم حقيقة الإسلام فإن كثيرا ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك ألقي إليهم أن البخور المرقي ينفع ببركته من العين والسحر والأدواء والهوام... إلى آخر كلامه رحمه الله.
وقال في موضع آخر مبينا الانحرافات التي تحدث في تشبه المسلمين بالنصارى في أعيادهم، فذكر منها: ورقي البخور مطلقا في ذلك الوقت أو غيره أو قصد شراء البخور المرقي، فإن رقيا البخور واتخاذه قربانا هو دين النصارى والصابئين، وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب بسائر الطيب من المسك وغيره مما له أجزاء بخارية وإن لطفت، أو له رائحة محضة، وإنما يستحب التبخر حيث يستحب التطيب. انتهى من كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
وسئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عن حكم استعمال البخور لطرد الشياطين فقال: لا أعلم لهذا العمل أصلا شرعيا، والواجب تركه، لكونه من الخرافات التي لا أصل لها، وإنما تطرد الشياطين بالإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق... إلخ كلامه. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز.
والله أعلم.