السؤال
والداي منفصلان منذ فترة، والدتي مطلقة طلقة واحدة، ولكن لم يتثبت الطلاق في المحكمة بعد، ونعيش أنا وإخوتي معها في منزل منفصل، وهي تمنعنا من رؤية أبي وتمنع إخوتي الصغار، وكانت هناك محاورات بيني وأخي مع والدتي لمحاولة إرجاع والدي لبعضهما، ولكنها كانت تضع شروطا تعجيزية، والآن علمت ما السبب؟ منذ فترة كانت تأتي لوالدتي اتصالات في أوقات متأخرة، ولقد تأكدت من أنها تحادث وتراسل رجلا آخر، وعلى علاقة به بزعم أنه سيتزوجها بمجرد استلامها لورقة الطلاق، أنا لم أواجهها بعد لأني في حالة صدمة ولا أعرف ماذا أفعل؟ ولم أخبر أحدا، هل ألمح لها أو أواجهها؟ ، وما حكم ما تفعله مع هذا الرجل؟ وهل يمكن أن يكون زواجهما حلالا؟ مع العلم أنها متدينة عارفة لربها ولم تقصر علينا، وأخاف أن تقلب الموضوع علي بمجرد مواجهتها، مع أني متأكدة 100% ولم أظلمها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم العافية من كل سوء وبلاء في الدنيا والآخرة، ونسأله أن يصلح ما بين أبيك وأمك، وقد أحسنت بالسعي في هذا السبيل، ولا ينبغي اليأس، واستعيني بكل من ترجين أن يكون لقوله تأثير من الأقرباء والفضلاء، ونوصي بالإكثار من الدعاء أن ييسر الله ذلك، فهو على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، وقلوب العباد في يديه يقلبها كيف يشاء، والله تعالى قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، فما خاب من رجاه. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 119608.
واعلمي أن الطلاق يقع بمجرد تلفظ الزوج به، فإذا انقضت العدة جاز للمرأة أن تتزوج من آخر، وإجراءات المحكمة لمجرد التوثيق فلا تأثير لها شرعا، ولكن ينبغي الحذر من المساءلة القانونية في مثل هذه الأحوال. والحاصل هو أنه يجوز لأمك الزواج من الرجل المذكور بعد انتهاء العدة، ويكون الزواج صحيحا إذا استوفى شروط الصحة، ومن أهمها الولي والشهود، وانظري الفتوى رقم: 1766، ولكن لا يجوز لها أن تكون على علاقة مع هذا الرجل في غير زواج، فإن هذا من المنكرات العظيمة ومن أسباب الفساد والشر المستطير كما أوضحنا في الفتوى رقم: 30003.
وإذا ثبت لديك كون أمك على علاقة مع رجل أجنبي فمن البر بها السعي في إصلاحها، وليكن ذلك بالحسنى، وقد لا يكون من الحكمة مواجهتها في هذا، ولكن الأولى أن يكون ذلك من طريق غير مباشر، كإسماعها محاضرة مؤثرة في هذا الموضوع أو قريب منه، وكذلك المواعظ العامة التي تذكر بالموت والوقوف بين يدي الله للحساب. وعموما الإنكار على الوالدين ليس كالإنكار على غيرهما من سائر الناس، جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى.. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 109767.
وفي الختام ننبه إلى أنه ليس لأي من الأبوين منع الأولاد من صلة الآخر أو رؤيته، فإن هذا من المنكرات، ومعين على الوقوع في العقوق الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، فلا تجب الطاعة في مثل هذا، ولكن ينبغي تحري الحكمة بقدر الإمكان بحيث تتحقق الصلة دون الوقوع في إسخاط الأم. وراجعي الفتوى رقم: 96988.
والله أعلم.