السؤال
أنا فتاة ملتزمة بالدين, ومنذ فترة يراودني شعور بأني التزمت عن يأس من هذه الحياة؛ لأن لدي عيبا خلقيا، ولأني أعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولأني لم أتزوج حتى الآن, وأنه لو لم أكن من ذوي الاحتياجات الخاصة لما كنت التزمت دينيا، مع العلم أني أحب الدين، وأخاف من الله, وأخاف من الانتكاس, فأريد حلا يريحني من هذا التفكير الدائم, وهل سأحاسب على هذا التفكير؟ وما سبب هذا الشعور الذي يراودني دائما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتك على هداه، وأن يزيدك إيمانا وتقى، وننصحك بالإعراض التام عن هذه الخواطر، فالشيطان يجلب على المؤمن بخيله ورجله ليحزنه، ويصده عن المضي في طريق الاستقامة، فاستعيذي بالله من هذه الخواطر، ولا تسترسلي معها، وعليك بإحسان الظن بالله، وتقوية الرجاء في فضله، واستشعري أن الهداية محض توفيق الله ومنه، وأكثري من حمد الله وشكره، وسلي الله أن يثبتك عليها.
وخشية الانتكاس, والزيغ عن سبيل الإيمان: هو شأن المؤمن، وكلما زاد إيمان العبد زاد خوفه، لكن الخوف إذا بلغ بالعبد إلى القنوط واليأس، فهو خوف غير محمود.
قال ابن جزي: واعلم أن الخوف على ثلاث درجات: الأولى: أن يكون ضعيفا يخطر على القلب, ولا يؤثر في الباطن, ولا في الظاهر، فوجود هذا كالعدم. والثانية: أن يكون قويا، فيوقظ العبد من الغفلة, ويحمله على الاستقامة. والثالثة: أن يشتد حتى يبلغ إلى القنوط واليأس، وهذا لا يجوز، وخير الأمور أوسطها، والناس في الخوف على ثلاث مقامات: فخوف العامة من الذنوب، وخوف الخاصة من الخاتمة، وخوف خاصة الخاصة من السابقة، فإن الخاتمة مبنية عليها. اهـ. من تفسيره.
وأما استقامة العبد على الطاعة بسبب الشدائد, وما يمر به من المضايق: فهو محمود، وليس بمذموم، فمن حكمة الله في ابتلاء العباد بالمصائب أن يتضرعوا لله بسببها، كما قال تعالى: ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون {الأنعام:42}، وقال: وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون {الأعراف:94}، وذكر الله أنه يصيب العباد بأنواع العذاب في الدنيا لترجعهم إلى طاعته, والإنابة إليه، كما قال تعالى: وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون {الزخرف:48}، وذم الله من أصابته الدوائر فلم تقده إلى اللجوء إلى الله والقرب منه، كما قال سبحانه: ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون {المؤمنون:76}، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 223471.
والله أعلم.